معركة ليبيا.. لماذا تقف تركيا بجوار الشرعية والإرادة الشعبية؟

- ‎فيتقارير

دائمًا ما تشير تركيا إلى أن الغرب يتعامل معها ومع قراراتها ومواقفها بمعايير مزدوجة، ودائمًا ما ندّد الرئيس أردوغان بهذه الازدواجية في أكثر من خطاب له، خاصة أن ازدواجية المعايير كانت حاضرة لتلك الدول في أثناء إطلاق تركيا عملية نبع السلام شرقي الفرات من أجل طرد التنظيمات الإرهابية.

ورغم إدراك تركيا ذلك، فإنها تخطو خطواتها بثقة وحذر، ومن بين تلك الخطوات توجهها نحو الأمم المتحدة لشرعنة اتفاقها مع حكومة السراج الليبية، لكن ذلك يطرح سؤالا مفاده: هل ستكون الأمم المتحدة حيادية في تعاملها مع هذا الاتفاق؟ أم أنها ستخضع لرغبات ومزاج الأطراف اللاعبة وصاحبة القرار أيضا في الأمم المتحدة؟

مصالح الاستبداد

وفي ردّ منه على هذا السؤال، رأى الخبير والمستشار الدولي في شئون المجتمع المدني الدكتور وليد الصالحي، أن تصديق الأمم المتحدة على البروتوكولات الإقليمية “قد يسير في سلسلة الإجراءات والقراءات والمراجعات، ومن الممكن التوقيع عليها ولكن إذا كان هذا البروتوكول يتلاءم مع مصالح أعضاء مجلس الأمن الدائمين فعندها سيجري التصديق عليه وتبنِّيه، وتتم عملية التأكيد عليه ليأخذ طريقه للنفاذ والتنفيذ، وسيتم حفظ هذه البروتوكولات في حالة تعارضها مع مصالح الكبار وتحفظ للقرن الجديد”.

وتتسارع الأحداث في ليبيا ميدانيًّا وإقليميًّا، خاصة بعد رفض قوات حكومة الوفاق الوطني المعترف بها دوليًّا، المهلة التي حدّدتها مليشيات حفتر لانسحاب قوات مصراتة من مدينتي طرابلس وسرت، وقرارها عدم الخضوع لمليشيات تتلقى دعما من قوى خارجية تسعى لإبقائها مسيطرة على المشهد، في مسعى لتقويض الشرعية.

وتسعى مليشيات حفتر للسيطرة على المشهد وسط بثّ ادعاءات بانتصارات كاذبة، إذ قال الناطق باسم مليشيات حفتر، أحمد المسماري، إن وفدا يمثل مدينة مصراتة دخل بمفاوضات معهم، ليكذّبه مصطفى المجعي، الناطق باسم المركز الإعلامي لعملية بركان الغضب التابعة لحكومة الوفاق الليبية.

وقال رئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني الليبية فائز السراج: إن بإمكان من يعترض على مذكرة التفاهم الأمني الموقعة مع تركيا اللجوء للعدالة الدولية، فيما انتقد وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو ابتعاد اليونان عن الحوار بشأن قضايا شرق المتوسط، إذ رفضت أثينا الاتفاق البحري والأمني بين طرابلس وأنقرة.

وصرح السراج، في مقابلة مع صحيفة “كوريري ديلا سيرا” الإيطالية، بأن حكومته المعترف بها دوليا “ليس لديها بديل سوى طلب المساعدة العسكرية من تركيا”، موضحا أن حكومة الوفاق مهتمة حاليًا بإحضار دبابات وطائرات مسيرة تركية.

وتقوم قوات حكومة الوفاق، منذ أبريل الماضي، بصد الهجوم الذي تشنه قوات اللواء المتقاعد خليفة حفتر على طرابلس من أجل السيطرة عليها، وتقدم دول إقليمية الدعم لحفتر وعلى رأسها مصر والإمارات، في حين تدعم تركيا وإيطاليا حكومة الوفاق.

فرض الاتفاق

ومنذ توقيع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، في 27 نوفمبر الماضي، مذكرتَي تفاهم مع فائز السراج، رئيس الحكومة الليبية، تتعلقان بالتعاون الأمني والعسكري، وبتحديد مناطق الصلاحية البحرية، بهدف حماية حقوق البلدين وذلك وفق القانون الدولي، تحاول أطراف عدة عرقلة هذا التفاهم والتقارب التركي-الليبي، سواء من جانب عربي أو حتى أوروبي.

ويرى مراقبون أن تركيا، رغم كل محاولات الوقوف بوجه هذا الاتفاق، مصممة على المضي فيه، مشيرين إلى أن ما يكسبها القوة في ذلك هو أنها فرضت هذا الاتفاق فرضا على مختلف الأطراف في منطقة شرقي المتوسط أو المحيطة بها، بمعنى أنها تمكنت من تطويق الجميع وفرض سيادتها في المنطقة البحرية.

ويقول مراقبون، إن تركيا تمتاز من غيرها من الأطراف بحنكتها السياسية والقانونية، الأمر الذي يتيح فتح الأبواب المغلقة أمامها، خاصة أنها لا تدخل أي معترك سياسي أو عسكري أو دولي إلا وبحوزتها جميع الوثائق والأدلة المقنعة لتخرج ظافرة بما تريد ووفق الأحكام والقوانين الدولية.

من أجل ذلك حملت تركيا ملف الاتفاق ومذكرات التفاهم الموقعة أخيرا مع الحكومة الليبية المعترف بها دوليًّا، وتوجهت به إلى الأمم المتحدة لتضعه أمامها على الطاولة من أجل توثيقه وشرعنته.