تراجع أعداد السيّاح قبل أعياد الميلاد في الأقصر وأسوان.. والفنادق النيلية تسرّح عمالها

- ‎فيتقارير

تسود حالة من القلق البالغ في أوساط العاملين بقطاع السياحة بعد مقتل وإصابة 23 سائحًا في حادث تصادم على طريق السويس صباح أمس السبت 28 ديسمبر 2019م.

المخاوف تتعلق باحتمال التأثير السلبي للحادث على قطاع السياحة الذي يعاني أساسًا من تراجع حاد في معدلات الوفود السياحية وعدد السائحين خلال السنوات الماضية خصوصًا بعد تفجير الطائرة الروسية فوق شبه جزيرة سيناء في أكتوبر 2015م.

إلى ذلك، كشف إيهاب عبدالعال أمين صندوق جمعية مستثمري السياحة الثقافية، عن أن انهيار شركة “توماس كوك” أثر بشكل مباشر على نسب الحجوزات بالسياحة في الصعيد؛ حيث تراجعت لأكثر من 20%، ولكنها ما زالت الأعلى، مقارنة بالسنوات الماضية.

وتراجعت أعداد الفنادق العائمة بين الأقصر وأسوان؛ حيث وصل عددها إلى 73 فندقًا خلال الأسبوع الحالي، مقارنة بـ80 فندقًا خلال الأسابيع الماضية.

وكشف خبير سياحى عن أن نسبة السائحين على متن الفنادق العائمة، وصلت الأسبوع الحالي إلى 33%، وبلغ عدد النزلاء 4336 على متن 73 فندقًا عائمًا.

وأوضح أن السائحين الألمان والصينيين تصدروا قائمة الوافدين، تلتهم الجنسيات الأمريكية والإنجليزية والفرنسية واليابانية والإسبانية.

تراجع بالغ

عدد من الخبراء أكدوا أن الدولة أسهمت في تفاقم مشكلات السياحة، وأن الموسم الحالي شهد تراجعًا لأعداد السائحين بالمحافظتين بنسبة حوالي 10% عن العام الماضي، خاصة بعدما شهدته الرحلات النيلية من ضربات متلاحقة بسبب شحوط البواخر العام الماضي لانخفاض مياه النيل أثناء السدة الشتوية بالموسم الأشد حيوية وتعنت المسئولين؛ الأمر الذي أثر على أكثر من 17 باخرة تقريبًا ألغت رحلاتها، بل وأُجبر السائحون على استكمال برامجهم برًّا من خلال طرق غير ممهّدة، أعقبتها حالات تسمم للعشرات على متن بواخر أخرى، بسبب استخدام مياه ملوثة في الطهي، مرورًا بحادث احتراق منطاد على متنه 16 سائحًا؛ ما أسفر عن مصرع أحدهم، وإصابة آخرين بسبب الإقلاع في ظروف جوية صعبة ومخالفة التعليمات.

وعلّق مصدر قريب من هيئة تنشيط السياحة، بأن نسبة الإشغال كانت 36%، ووصلت قبل أيام من احتفالات ليلة رأس السنة إلى 42%، وأن الجنسيات الأكثر وصولا في احتفالات رأس السنة هم الألمان يليهم في الترتيب الأوكران. في حين اعترف مراقبون وخبراء بالسياحة، بأن نسب الإشغال الفندقي بالأقصر وأسوان حاليًا لا تتجاوز الـ10%.

توقف الفنادق النيلية

كما توقفت العشرات من المراكب والفنادق النيليلة والعائمة نتيجة عدم وجود سائحين أجانب أو عرب، واكتفت بوجود عشرات من المصريين الذين يحتفلون بالعام الميلادي الجديد، مؤكدين أن الإدارات قامت بتسريح العاملة لديها خوفًا من تفاقم المصروفات في ظل هذا الوضع السياحي السيئ.

سيناء تتراجع

كما بدأت نسبة الإشغال السياحي في التراجع بجميع المدن السياحية بمحافظة جنوب سيناء.

وأكد مصدر بديوان عام محافظة جنوب سيناء أن نسبة الإشغال السياحي انخفضت؛ حيث إن نسبة الإشغال قبل احتفالات الكريسماس وصلت في مدينة سانت كاترين إلى 35 غرفة، وذلك يعادل 67 سائحًا أجنبيًّا، وفي مدينة طابا وصلت إلى 114 زائرًا مصريًّا و15 سائحًا عربيًّا من “الأردن” و200 سائح أجنبي، كما وصل عدد السائحين بمدينة نويبع إلى 5 زائرين مصريين و11 سائحًا أجنبيًّا، ومدينة دهب 117 زائرًا مصريًّا و230 سائحًا أجنبيًّا.

وكشف المصدر عن أن نسبة الإشغال السياحي العامة تراجعت إلى 15%؛ نتيجة الاستعداد لامتحانات الفصل الدراسي الأول للعام الدراسي الحالي 2018.

شرم الشيخ

يقول عضو غرفة شركات السياحة بجنوب سيناء، في تصريحات له: إن “الوضع سيئ جدًّا جدًّا، نسبة الإشغال في شرم الشيخ حوالي 35%، ولا يوجد مقارنة بينها أصلا وبين السنين الماضية”.

وأضاف: “احتلت الجنسية الصينية المرتبة الأولى من حيث عدد السياح الذين وفدوا إلى الأقصر وأسوان، فيما كان يمثل الروس والبريطانيون 40% من إجمالي السياح الذين يتوافدون على مصر قبل الأزمة الشهيرة بسقوط الطائرة الروسية بسيناء.

وأوضح الخبير السياحي عادل عبد الرازق، نائب رئيس اتحاد الغرف السياحية السابق، أن الدولة لعبت دورًا رئيسيًا في الإضرار بمنظومة السياحة؛ تمثل في إغلاقها خلال العامين الأخيرين لمراكز “الطهي”، التي كانت تمثل واجهة حضارية لكل فنادق مصر، وانعكس الأمر مؤخرًا على سوء الخدمات بكثير من الفنادق، مع تفاقم الأمور لحد التسمم، الأمر الذي لم يكن موجودا قديمًا، حيث تم إغلاق مركزي الطهي بالقاهرة والأقصر، بالإضافة للعمل غير المنتظم لمركز الطهي في محافظة بني سويف، وكان ذلك خطوة لضرب مراكز التدريب والتأهيل، والتي تعد أساس وعصب تنظيم العملية السياحية، واصفَا السياحة دون الخدمات المتقنة، بالمنزل المنهار.

هروب أصحاب الخبرات

وأكد عبد الرازق، في تصريحات صحفية، أن غياب القيادات وأصحاب الخبرات، خاصة في الأعوام الماضية، وهجرتهم للعمل في السياحة بالدول العربية، تسبب في تراجع مستوى الخدمات بشكل عام في الفنادق المصرية، بالإضافة إلى التنافس السيئ في الأسعار بين الأسواق والفنادق وبعضها بعضا، وتدنيها لأرقام لا تليق باستضافة السائح، مطالبًا بتوحيد الأسعار نسبيًا بين الفنادق، حتى لا يشعر السائح بتدني الخدمات، خاصة بعدما وصلت أسعار الغرف ببعض الفنادق لأول مرة إلى 40 دولارًا في الليلة الواحدة، في محاولة لجذبهم.

وشدد الخبير السياحي على ضرورة أن تعود السياحة الثقافية والنيلية لسابق عهدها، مضيفًا أنه ليس من الممكن أن نمتلك 288 باخرة سياحية، بإجمالي 19 ألف غرفة تقريبا، في حين أن الرحلات تكون ضعيفة بهذا الشكل، وسط تخبط وأخطاء متكررة من المسئولين.

بابا نويل زعلان

في شأن متصل، تسبب انهيار الاقتصاد وحالة التقشف في تراجع بيع هدايا الكريسماس هذا العام، وللعام الثالث على التوالي الذي تضرر بصورة ملحوظة نتيجة انخفاض الطلب على الهدايا لارتفاع أسعارها؛ لأن أغلبها مستورد من الخارج.

وكشف بركات صفا، نائب رئيس شعبة الأدوات المكتبية ولعب الأطفال بغرفة القاهرة التجارية، عن أن أسعار هدايا الكريسماس هذا العام ارتفعت بنسبة وصلت إلى 20%، خاصة أن أغلبها مستورد من الخارج وتحديد السوق الصينية لأنه أكبر مورد للهدايا للسوق المصرية.

وأضاف صفا، في تصريح له، أن هناك تراجعا كبيرا في معروض هدايا الكريسماس هذا العام، فلا يوجد إنتاج محلي من أشجار الكريسماس، بحسب قوله، لافتا إلى أن أرخص سعر للشجرة يبدأ من 100 جنيه في الجملة وللمستهلك 150 جنيها، وأكثر من ذلك بخلاف أسعار الزينة التي تتطلبها الشجر، وقد يصل إجمالى سعرها من 300 إلى 400 جنيه، وبعد تزيينها بالكور والورق اللامع والإضاءة والفوم.

رئيس شعبة الأدوات المكتبية ولعب الأطفال بغرفة القاهرة التجارية، أكد أن 95% من شجر الكريسماس مستورد من الخارج حاليا، وأغلبه من سوق الصين، لافتا إلى أنه في الماضي كنا نصنع شجرة كريسماس بدائية ومع نزول الشجر الصيني لم نعد نصنعها.

وقال: إن هناك انخفاضًا في طلب الكنائس على الهدايا الخاصة بالاحتفالات هذا العام، ففي الماضي كانت الكنائس تشتري هدايا بكميات كبيرة جدًّا يتم توزعها على الأطفال، لكن تراجع الطلب عليها بصورة ملحوظة هذا العام؛ الأمر الذي سبب ركودًا في سوق لعب الأطفال.

مديونية قطاع السياحة 50 مليار جنيه

في سياق متصل، قال مصدر بقطاع السياحة: إن مديونية القطاع للجهاز المصرفي خلال السنوات الماضية تقترب من 50 مليار جنيه شاملة أصل الدين إلى جانب الفوائد.

وقال المصدر قريب الصلة بالملف وشارك في اجتماعات التي تمت بين محافظ البنك المركزي المصري طارق عامر بجنوب سيناء خلال ديسمبر الجاري: إن البنوك تجري حصرًا بتلك المديونيات، للوصول إلى التفاصيل الدقيقة.

وأضاف أن نحو 50% من المبلغ فوائد على أصل الدين؛ إذ إن معظم المديونية كانت قبل أزمة السياحة الأخيرة التي استمرت منذ يناير 2011 وتفاقمت عقب حادثة الطائرة الروسية في نهاية 2015 في جنوب سيناء.