خبراء: إثيوبيا تعبث بالمفاوضات ومصر في “سد النهضة”

- ‎فيتقارير

مع مطلع هذا الأسبوع، طالعتنا عدسات ماسبيرو بمشهد استقبال حافل لرئيس الوزراء الإثيوبي السابق، هايلي ديسالين، بصفته مبعوثًا خاصًا من رئيس الوزراء الإثيوبي الحالي، آبي أحمد، لتأكيد التزام أديس أبابا بالسعي لإنجاح مفاوضات سد النهضة الجارية في واشنطن.

لم نكن متشائمين حين قلنا إن الرئيس الحالي الذي حلّفه السيسي بأيمان المسلمين ألا يضر بمصلحة بلادنا، اختار وجها غير مبشر لتأكيد هذه الرسالة، ديسالين الذي وقع مع السيسي والرئيس السوداني المعزول عمر البشير على اتفاق المبادئ، وقد كانت كل مشاهد ظهوره على شاشاتنا تؤكد حتمية الضرر.

لم نكن متشائمين ونحن نتابع هذه التطمينات بعد اتفاق المبادئ، بل ولم نكن متشائمين أيضا رغم إسقاط السيسي كل أدوات مواجهة الأزمة حتى مع خلفه في الحكم لنشهد معه استراتيجية جديدة تدار بحلف اليمين، ثم وصلت طائرة المبعوث إلى الخرطوم لكن عدساتها التقطت ما كان يجب التقاطه في مصر، حيث لوح ديسالين برغبة بلاده في تأجيل جولة الحسم، بزعم حاجة بلاده إلى تهدئة الأوضاع السياسية المتوترة قبيل الانتخابات التشريعية، والتي ستشهد المواجهة الأولى بين آبي أحمد وبين قومية التجراي أبرز المعارضين على الساحة المحلية للتوصل إلى اتفاق حول السد.

مضت 4 أيام على الاستقبال الحافل، وعادت ريما إلى عادتها القديمة، لتعلن إثيوبيا بشكل رسمي انقلابها على المسار التفاوضي، واعتذارها لواشنطن عن عدم حضور الاجتماع الأخير؛ بحجة عدم التوصل إلى توافق بشأن مسودة الاتفاق النهائي المقترحة من جانب الأخيرة.

حدث ذلك بينما كان الوفد المصري يستعد للسفر، فلم تكن مصر قد علمت رسميًّا حتى تلك اللحظة بمقاطعة إثيوبيا وانسحابها من الجولة الحاسمة إلا عبر وسائل الإعلام، والتي كانت قد نقلت أنباء عن مصادر سودانية غير معلومة بأن إثيوبيا لن تحضر، فيما لا يزال الغموض يكتنف موقف الخرطوم حتى اللحظة .

هذا العبث المعتاد على مدى سنوات التفاوض لا يخفى على كل مصري أن هدفه منذ اليوم الأول هو إتمام المشروع، وتكريس مبدأ القبول بالأمر الواقع، لكن الغريب أن تعلن القاهرة للمرة الألف تمسكها بهذا المسار، وإرسال وفدها لجولة محادثات سيحدّثون فيها أنفسهم .

الغريب أن يشدد متحدث الخارجية المصرية أحمد حافظ على أن مشاركة مصر في هذا الاجتماع تأتي اتساقا مع النهج المصري المعروف في هذه القضية، والذي يعكس حسن النية والرغبة المخلصة في التوصل إلى اتفاق نهائي حول قواعد ملء وتشغيل مشروع السد.

يسود الغموض مستقبل الجولة الأخيرة من المفاوضات المتعلقة بسد النهضة الإثيوبي برعاية واشنطن، بعد أن تأكد غياب إثيوبيا وارتباك السودان، فيما يصر النظام في مصر على المشاركة في هذه الاجتماعات.

وجاء في بيان المتحدث باسم الخارجية، أحمد حافظ، ردا على الموقف الإثيوبي، أن مصر ملتزمة بالمسار التفاوضي الذي ترعاه الولايات المتحدة والبنك الدولي، خاصة أن الهدف من الاجتماع الراهن هو وضع اللمسات الأخيرة على اتفاق ملء وتشغيل سد النهضة.

وأكد حافظ أن الجانب الأمريكي والبنك الدولي وضعا اللمسات الأخيرة، وقاما ببلورة الاتفاق على ضوء جولات المفاوضات التي أجريت بين الدول الثلاث مصر والسودان وإثيوبيا، منذ اجتماع واشنطن الأول الذي عقد في 6 نوفمبر الماضي.

وجاء إعلان إثيوبيا عدم مشاركتها في الاجتماع الأخير ليعيد الحديث عن عبثية المسار التفاوضي واستغلاله من جانب إثيوبيا، الأمر الذي أكده العديد من الخبراء والمسئولين في كثير من الجولات، ليعود وسما “سد النهضة” و”إثيوبيا” لتصدر قائمة التداول على مواقع التواصل الاجتماعي من جديد.

قناة “مكملين” ناقشت، عبر برنامج “قصة اليوم”، آخر تطورات مباحثات سد النهضة والرغبة المصرية المخلصة في استمرارها.

وقال عبد الرحمن يوسف، الكاتب الصحفي، إن إثيوبيا لم توقع على أي اتفاق يلزمها بالسماح بحصول مصر على حصة محددة كبيرة أو صغيرة من مياه النيل، وحتى اتفاقية الخمسينات لم تقبل إثيوبيا أن تحضر ولم توقع.

وأضاف يوسف أن توقيع إثيوبيا على اتفاقية تمنح مصر 31 مليار متر مكعب قد يُستخدم فيما بعد كذريعة لتخصيص حصة معينة لمصر، وهذا ما ترفضه إثيوبيا لأنها ترى أن النيل حق حصري رئيسي لها وهي من تتحكم فيه .

وأوضح يوسف أن المفاوض الإثيوبي يريد فرض وصايته كاملة على مسار مفاوضات سد النهضة، ويدير المفاوضات بنفس سياسة الكيان الصهيوني في تعامله مع القضية الفلسطينية، مضيفًا أنه من المعروف أن الاتفاقيات الدولية تعرض بعد توقيعها على البرلمانات لإقرارها أو رفضها، وتحجُّج إثيوبيا بالانتخابات تضييع للوقت ورغبة من آبي أحمد في استغلالها كورقة سياسية في الانتخابات.

https://www.youtube.com/watch?v=X2ZJx5EcGZY

مصطفى عاشور، الإعلامي والصحفي المتخصص في الشأن الزراعي، قال إن إثيوبيا منذ اللحظة الأولى لدخول مصر معها في مفاوضات وهي تنوي عدم توقيع أي اتفاق تلتزم به، كما أن الاتفاقية الإطارية غير ملزمة لإثيوبيا، والاتفاق الوحيد الملزم لإثيوبيا هو اتفاق 1902م .

وأضاف أن إثيوبيا أرجأت التوقيع على الاتفاق النهائي لمدة 6 أشهر لأمرين: الأول الانتخابات المحلية، والثاني إعطاء فرصة لإثيوبيا للانتهاء من الملء الأول لخزان السد، وتشغيل توربينين لتوليد الكهرباء مع نهاية الفيضان الأول في شهر سبتمبر.

وأوضح عاشور أن المفاوض المصري “خد على قفاه” في محادثات سد النهضة، مضيفا أن إثيوبيا تماطل سلطات الانقلاب منذ 7 سنوات، حتى تنتهي من بناء السد وتشغيله ويصبح أمرًا واقعًا.

https://www.youtube.com/watch?v=VPxEPV9MbFM