بسبب خيانة الخليج وغباء العسكر.. سد النهضة يحرم المصريين من مياه النيل

- ‎فيتقارير

على نفس سياق القضية الفلسطينية، بدأت تطورات أزمة سد النهضة تسير فى نفس الاتجاه حيث الشجب والإدانة وطلب الدعم دون موقف حاسم من القضية، ما يتيح للجانب الإثيوبي الانتهاء من بناء السد وتشغيله رغم أنف المصريين، تمامًا كما تفعل إسرائيل بالنسبة للحقوق الفلسطينية.

وفى هذا الإطار، أعلنت الجامعة العربية عن تضامنها مع دولة العسكر ضد إثيوبيا– بالضبط كما تعلن تضامنها مع الفلسطينيين- مؤكدة الحقوق التاريخية لمصر فى مياه نهر النيل.

وشددت الجامعة، في بيان صادر عنها، على رفضها أية إجراءات أحادية تمضي فيها إثيوبيا، مطالبة إثيوبيا بالالتزام بمبادئ القانون الدولي.

ووجه وزراء الخارجية العرب رسالة لنظام العسكر، يؤكدون دعمهم لموقف السيسي ويطالبون الدول العربية– التي باعت فلسطين للصهاينة- بالوقوف إلى جانب مصر.

وعلى طريقة التعامل الفلسطيني مع الاحتلال الصهيوني، طالب نظام العسكر الدول العربية بدعمه في أزمة سد النهضة، في ظل انهيار المفاوضات بعد انسحاب إثيوبيا وتصاعد الهجوم المتبادل بين البلدين، دون أن يحدد طبيعة الدعم المطلوب.

ويتناسى نظام الانقلاب أن دول الخليج، خاصة عيال زايد والأمير المنشار، قدموا مليارات الدولارات لإثيوبيا لدعم بناء سد النهضة.

وقال سامح شكري، وزير خارجية الانقلاب: إن نظام العسكر- بقيادة الانقلابي عبد الفتاح السيسي- يتطلع إلى دعم الدول العربية لمشروع القرار المتوازن الذي قدمه، والذي يتضمن عددا من العناصر المهمة التي من شأنها التأكيد للجانب الإثيوبي بوقوف الدول العربية صفًا واحدًا لدعم مواقف العسكر، بحسب تصريحاته.

وأضاف شكري، خلال كلمة دولة العسكر في اجتماع الدورة العادية الـ(153) لمجلس جامعة الدول العربية على المستوى الوزاري، أن مسألة سد النهضة في إثيوبيا تعتبر قضية محورية بالنسبة للأمن القومي المصري؛ نظرًا لطابعها الوجودي بالنسبة لمصر، بحسب زعمه.

وأوضح أن تعطيل المفاوضات المباشرة أدى إلى دعوة دولة العسكر لتدخل أطراف دولية كوسطاء للمساعدة في التوصل إلى اتفاق عادل ومتوازن يحقق مصالح الدول الثلاث، وذلك تنفيذا للمادة العاشرة من اتفاق إعلان المبادئ، وفق تعبيره.

وتابع: استجابت الولايات المتحدة لتلك الدعوة، وشاركت في جولات المفاوضات المكثفة التي عقدت منذ شهر نوفمبر الماضي، والتي حضرها البنك الدولي، وهي المفاوضات التي انتهت بقيام الإدارة الأمريكية بالتنسيق مع البنك الدولي بإعداد اتفاق متوازن وعادل .

وأشار شكري إلى أن الاتفاق يشمل قواعد تفصيلية لملء وتشغيل سد النهضة، وإجراءات محددة لمجابهة حالات الجفاف والجفاف الممتد وسنوات الإيراد الشحيح.

وزعم أن نظام العسكر وقع بالأحرف الأولى على الاتفاق؛ تأكيدًا لحسن نيته وصدق إرادته السياسية، مضيفا “فيما لم تقبل إثيوبيا بهذا الاتفاق حتى الآن، إذ تغيبت عن الاجتماع الوزاري الأخير الذي دعت له الإدارة الأمريكية يومي 27 و28 فبراير الماضي .

المياه مياهنا

كان وزير الخارجية الإثيوبي، غيتداحشو أندراغو، قد أعلن أن بلاده ستبدأ في ملء سد النهضة اعتبارا من يوليو المقبل .

وقال وزير الخارجية الإثيوبي، أول أمس الثلاثاء في مؤتمر صحفي في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا، بمشاركة وزير الري والموارد المائية، إن بلاده ستبدأ في التعبئة الأولية لخزان سد النهضة بعد 4 شهور من الآن.

وأضاف أن “الأرض أرضنا والمياه مياهنا والمال الذي يبنى به سد النهضة مالنا ولا قوة يمكنها منعنا من بنائه”.

خيانة الخليج

من جانبه قال محمد عمر، الباحث في شئون القضايا الاستراتيجية، إن دول الخليج خاصة الإمارات والسعودية تقيم علاقات قوية مع إثيوبيا وتدعم بناء سد النهضة، ولا تهتم بموقف العسكر ولا تدعم حقوق المصريين فى مياه النيل، مشيرا إلى أن دول الخليج تؤمن بأنّ الكثير من مفاتيح إفريقيا بيد أديس أبابا، وليس من الحنكة خسارتها إرضاءً لنظام العسكر.

وأكد عمر، فى تصريحات صحفية، أن السعودية تعتبر المستثمر الثالث بأديس أبابا، باستثمارات تقدر بأكثر من 5 مليارات دولار في قطاعات متنوعة، بخلاف العمالة الإثيوبية الموجودة بالمملكة، مؤكدًا أن الأمير المنشار محمد بن سلمان أعلن أن المملكة تدعم جهود إثيوبيا في الإسراع بالتنمية، وأنه يشجع مستثمري بلاده على التوجه للاستثمار بأديس أبابا.

وأشار إلى أن السعودية وافقت على طلب “آبى أحمد” بإطلاق سراح حوالي ألف سجين إثيوبي. بل طلب رئيس الوزراء الإثيوبي الإفراج عن محمد حسين العمودي، الملياردير السعودي، الذى اعتقل بتهمة الفساد «حملة الريتز كارلتون»، وهو أكبر المستثمرين بأديس أبابا وممول رئيسي لسد النهضة، فقد تبرع بحوالي 88 مليون دولار للسد عام 2011، إلى جانب دعمه بالإسمنت الذي ينتجه مصنعه هناك .

وأوضح عمر أن الإمارات تعتبر ثاني أكبر وجهة لصادرات إثيوبيا في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا خلال عام 2016، وتاسع أكبر وجهة للصادرات الإثيوبية على مستوى العالم خلال العام ذاته، وتعتبر ثاني مستثمر خليجي بعد السعودية بحجم استثمارات مباشرة تتجاوز نصف مليار دولار.

وأكد أن دول الخليج لم تراع مصالح مصر في إفريقيا، لا سيما مساندتها ضد إثيوبيا في أزمة سد النهضة، فالسعودية والإمارات وقطر لديهم استثمارات قوية هناك بخلاف العمالة الإثيوبية لديهم، وكانت هذه أوراق ضغط يمكنها مساعدة مصر، مشيرا إلى أن الرياض وظفت سد النهضة في مناكفة دولة العسكر خلال فترات الخلاف بينهما، وقد زار مستشار العاهل السعودي أحمد الخطيب، في ديسمبر 2016، سد النهضة للوقوف على إمكانية توليد الطاقة المتجددة، وقبله بأيام أجرى وزير الزراعة السعودي زيارة مماثلة لأديس أبابا لتوجيه رسالة لدولة العسكر أنها يمكن أن تهدد أمنها الاستراتيجي.

موقف غير مسئول

ووصف السفير عبد الله الأشعل- المساعد الأسبق لوزير الخارجية- موقف العسكر بالسيئ، مؤكدا أنه لا يرقى إلى مستوى المسئولية منذ بدء مواجهة أزمة سد النهضة بشكل دبلوماسي.

وكشف الأشعل، فى تصريحات صحفية، عن وجود تفاهمات إثيوبية إسرائيلية أمريكية لحرمان مصر من حصتها في مياه النيل .

وأكد أن إثيوبيا تسير في موضوع سد النهضة على خط مستقيم وتصاعدي تصادمي، وليس أدل على ذلك من إعلانها أنها ستبدأ ملء السد بالتوازي مع استكمال عملية البناء، وتحويل مياه النيل الأزرق الذي يمد نهر النيل بنحو 85% من موارده المائية.

وأشار الأشعل إلى أن نظام العسكر لم يفهم أن المفاوضات ليست دليلا على وجود تسوية، فالدول المتحاربة تدخل في مفاوضات، لكنها طريق للتواصل بين الأطراف المتعادية، وليس أمام دولة العسكر مع حرمانها من حصتها البالغة 55 مليار متر مكعب سوى تخريب السد بأي وسيلة، حتى لا تموت عطشا وتختفي أراضيها الزراعية من الخريطة.

أوراق الضغط

وأكد محمد السيد رمضان، المحلل السياسي، أن دولة العسكر فقدت كل أوراق الضغط على إثيوبيا التي لا تلتفت إلى أية مفاوضات من أي نوع مع أي طرف في أي مكان، مشيرا إلى أن إثيوبيا تماطل وتُسوّف، وفى النهاية انسحبت ورفضت التوقيع لكسب مزيد من الوقت وفرض شروط جديدة فى صالحها.

وقال رمضان، فى تصريحات صحفية: إن رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد يستغل ورقة سد النهضة- مع اقتراب الانتخابات الداخلية- لكسب المزيد من التأييد الشعبي، من خلال فرض شروط إثيوبيا بشأن قواعد ومراحل ومدة ملء وتشغيل السد، وهذا سيكون كارثة على الشعب المصري الذي دخل مرحلة الفقر المائي قبل بدء الملء.

وأشار إلى أن توقيع السيسي على اتفاق إعلان المبادئ بشأن مشروع سد النهضة يوم 23 مارس 2015، والذي بموجبه اعترفت دولة العسكر بحق إثيوبيا في بناء السد؛ منح إثيوبيا الضوء الأخضر في الإسراع باستكمال بنائه، واعتماد الاتفاقية كوثيقة رئيسية في تجاهل ما تلاها من مفاوضات.