لماذا أعلن جيش حفتر وقف القتال في رمضان؟ 5 أسباب تفضح مأزقه

- ‎فيتقارير

لأنّه رفض الهدنة الإنسانية من قبل مرات عديدة، وظل يقتل المدنيين ويهدم المدن عشوائيا، فقد جاء عرض الانقلابي خليفة حفتر الهدنة في رمضان، ليؤكد أن الأمر لا علاقة له بإنسانية أو احترام حفتر للشهر الكريم، ولكنه في مأزق ويسعى لمحاولة التقاط الأنفاس بعد هزائمه الأخيرة المستمرة، وينتظر تلقي المزيد من المرتزقة والسلاح من الإمارات لمعاودة غدره.

الأكثر دهشة أنه بعدما نصب نفسه حاكما عسكريا على ليبيا بلا أي شرعية، على غرار السيسي، كان متوقعا أن يبادر لتكثيف وشن هجمات كبيرة على قوات الحكومة الشرعية وهو ما لم يحدث، ما يطرح السؤال: لماذا أعلن حفتر الآن تحديدا وقف القتال في رمضان؟

5  أسباب وراء الهدنة

هنا يمكن الحديث عن عدة أسباب أبرزها:

1- أن حفتر عانى من خسائر عسكرية وهزائم أخيرة أدت إلى انهيار الروح المعنوية بين قواته، خاصة أن أغلبها قوات مرتزقة هربت من 7 مدن استعادتها حكومة الوفاق، كما أن ما تبقى له في جنوب ليبيا (قاعدة الوطية وترهونة) مهدد بالانهيار والاستسلام لقوات طرابلس، والأخطر أن طرابلس تخطط لاستعادة شرق ليبيا نفسه من حفتر، والهجوم قريبا على سرت واستعادة مناطق النفط، وهو ما يستدعي تقوية دفاعات هذه المناطق، والبحث عن حل عسكري مع الروس وحكام الإمارات للتفوق التركي في ليبيا وطائرات بيرقادر التي أزعجت قوات حفتر وتقف أمام إمداداته العسكرية.

2- أن هناك خلافات وانقسامات كبيرة داخل معسكر حفتر في شرق ليبيا، وصراعات بين المتحالفين معه، عمقها هو بقراره الأحمق بإلغاء كافة المؤسسات السياسية التي كانت تشكل غطاء شرعيا صوريًا له أمام المحافل الدولية، خصوصًا برلمان طبرق، وحكومة “الثني”، ما أثار غضب النواب والحكومة عليه.

فقبيلة العبيدات في شرق ليبيا رفضت تفويض حفتر وأصرت على شرعية برلمان طبرق برئاسة عقيلة صالح، ومن ثم فهو يسعي لضبط الصفوف داخل معسكره وإعادة توحيده، كما أن بعض أعضاء برلمان طبرق مثل “عبد السلام نصيه” انشقوا عن برلمان طبرق ومجرم الحرب حفتر، والتحقوا بالبرلمان الشرعي بالعاصمة الليبية طرابلس، ومن ثم فهو يسعي لضبط الصفوف داخل معسكره وإعادة توحيده، وهذا يفسر تراجع حفتر عن إلغاء برلمان طبرق، خشية أن يقوم نوابه الغاضبون بإصدار قرار بإنهاء ما تبقى من شرعية حفتر المكتسبة من برلمان طبرق بإقالته وإلغاء منصب القائد العام في الجيش الليبي، واعتباره مجرم حرب مطلوبًا للعدالة.

3- تراجع حفتر وأعلن الهدنة بعدما نالت هجماته الأخيرة غضب العالم، وتصعيد حملة انتقادات دولية لقصفه مدنيين ومستشفيات ومحمية زراعية أحرقها، ومن ثم رغبته في إظهار أنه ليس شريرا، وأنه وافق على الهدنة الإنسانية التي اقترحها البرلمان الأوروبي.

4- يسعى حفتر لتجديد قواته والحصول على المزيد من المرتزقة والسلاح من الإمارات الراعية الرسمية له، وإعطاء فرصة لنفسه عبر الهدنة المطلوبة لضم قوات ومرتزقة جدد لجيشه، بعدما قتل منهم العشرات أو هربوا أو انتهت عقودهم، وقد تم رصد تواجد مسئول المخابرات الإماراتية طحنون بن زايد ومسئولين إماراتيين في السودان وتشاد، وذلك للتنسيق وجلب المزيد من مرتزقة الجنجويد للقتال إلى جانب حفتر بعد الهزائم التي تلقاها من أحرار ليبيا.

وبحسب المصادر، فإن مسئولين بارزين بدولة الإمارات، على رأسهم مستشار الأمن القومي طحنون بن زايد، كانوا على متن الطائرة، التي حطت في الجزء العسكري من مطار الخرطوم، قادمة من مطار دبي، ومكثت نحو ساعتين، ثم غادرت إلى جمهورية تشاد، وأكدوا أن المسئولين الإماراتيين جاؤوا إلى الخرطوم للتباحث في آلية تقديم الدعم لحفتر، وإرسال مقاتلين سودانيين لدعم قواته.

5- يستميت حكام الإمارات لإنقاذ حفتر من الانهيار؛ لأنهم يعلمون أن نهايته انتكاسة لما سُمّي بـ”الثورة المضادّة” ضد الربيع العربي، وستسري تداعيات الهزيمة إلى الجسم العربي الذي مزّقته هذه “الثورة”، وهنا دور حفتر ودعمه، لهذا أوعزت له بقبول الهدنة لحين ترتيب صفوفه ومنع انهيار قوى الثورة المضادة، فتخسر ليس فقط ليبيا وإنما يعود الزخم الثوري للربيع لعربي مرة أخرى في البلدان التي تدخلت فيها أيضا الإمارات لإفشال ثوراتها مثل مصر واليمن والسودان.

خطة جديدة للسيطرة بمساعدة إماراتية

من الوضح أن إعلان حفتر هدنة رفضتها حكومة الوفاق لعلمها بخيانة حفتر، جاء لوضع خطة جديدة للسيطرة العسكرية على المناطق التي فقدها بمساعدة إماراتية، والسعي أيضا عبر حكام الإمارات للبحث عن حل لوقف استهداف الطائرات التركية المسيرة لقوافل إمدادات الذخائر التي تتجه لمليشيات حفتر في ترهونة وجنوب طرابلس.

إذ يسعى حفتر لاستغلال وقف إطلاق النار الذي أعلنه، لإعطاء فرصة لضم قوات ومرتزقة جدد لجيشه بعدما قتل منهم العشرات أو هربوا أو انتهت عقود إيجارهم.

وسبق لمارتن كوبلر، المبعوث الأممي إلى ليبيا، في تصريح لصحيفة “الأحد” الفرنسية في 1 يونيو 2016، تأكيد أن “حفتر يقاتل معه مرتزقة من تشاد”، وقال إدريس ديبي، رئيس دولة تشاد لصحيفة “جين أفريك”: إن “حفتر هو الحل في ليبيا”، ما يؤكد دعمه له بالمرتزقة.

ولذلك اتهم المتحدث باسم الخارجية الليبية، الإمارات بأنها مسئولة بشكل مباشر عن دماء الليبيين الذين سقطوا في العدوان على طرابلس، كما اتهم مصر بالمسئولية بشكل مباشر عن دماء الليبيين.

وكان ملفتا التناقض في بيان المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية المصرية حول “تمسُك مصر بالحل السياسي وبمبدأ البحث عن تسوية سياسية للصراع في ليبيا”، وبين حديثه عن أن “البحث عن حل سياسي لا يعني ولا يجب أن يؤدي إلى التهاون في مواجهة التيارات المتطرفة الإرهابية في ليبيا المدعومة من تركيا أو الدخول معها في مفاوضات حول مستقبل ليبيا”، إذ إنه يؤيد الحل السياسي والحوار، ولكنه يرفضه في نفس التصريح بدعوى أن الطرف الآخر (الوفاق) إرهابي ولا يجوز الدخول معه في مفاوضات!.

ولذلك ردت تركيا على بيان المتحدث عن الخارجية المصرية، مؤكدة أن “الإدارة المصرية تحاول إخفاء مخططاتها في ليبيا”، وأن “اتهام الإدارة المصرية أنقرة بدعم الإرهابيين المتطرفين في ليبيا، يعكس بكل وضوح جهودها للتستر على مخططاتها هناك”.

وقالت تركيا بوضوح، إن “دعم الإدارة المصرية لحفتر يهدف إلى إقامة ديكتاتورية عسكرية في ليبيا، ليس أمرا مستغربا”، في إشارة ضمنية إلى أن السيسي يقيم ديكتاتورية عسكرية في مصر ويرغب في أخرى في ليبيا.

الوضع الآن وماذا يتوقع؟

يشكل اتفاق مدينة الصخيرات المغربية الذي أعلن حفتر رفضه، حجر أساس في العملية السياسية الليبية، ويقضي بتشكيل مجلس رئاسي يقود حكومة الوفاق، إضافة إلى التمديد لمجلس النواب، وإنشاء مجلس أعلى للدولة، ويعنى عدم قبول حفتر به ورفضه عدم شرعية برلمان طبرق الذي قام بتعيين حفتر قائدا عسكريا!.

الآن يتوقع أن يسعى حفتر لتحصين قواته في مدينة سرت وقاعدة الجفرة وإحكام السيطرة عليهما، بعد حصار قوات الجيش الليبي التابعة لحكومة الوفاق قواته في مدينة ترهونة، ومنع وصول الإمدادات إليها وتهديدها بالزحف علي سرت وشرق ليبيا.

ويأتي تحصين هذه المناطق؛ من أجل قطع الطريق على قوات حكومة الوفاق للتحرك نحو منطقة الهلال النفطي شرق سرت، ومناطق الآبار النفطية، لأن خسارة هذه المناطق تعني فقدان حفتر ورقة النفط التي يضغط بها، بعد رفض حكومة الوفاق الوطني المشاركة في أي مفاوضات يكون فيها خليفة حفتر.

فقد كشف آمر اللواء الأول مشاة، المقدم مصطفى المجدوب، أن قوات الجيش الليبي التابع لحكومة الوفاق تستعد لشن هجوم كبير للسيطرة على محاور جنوب طرابلس ومدينة ترهونة، آخر معاقل اللواء المتقاعد خليفة حفتر غرب ليبيا.

وأكد المجدوب أن العمليات العسكرية لن تتوقف وستستمر حتى مدن سرت والهلال النفطي وشرق ليبيا بالكامل، موضحا أن أغلب التجهيزات العسكرية واللوجيستية جاهزة وبانتظار أوامر القيادة العسكرية للتحرك.

وأوضح مصطفى المجدوب، أن إعلان حفتر عن الهدنة في هذا التوقيت له أسباب متعددة، أبرزها أنه يعمل على معالجة التناقص المطرد في المخزون الاستراتيجي له من العتاد والوقود والذخيرة، ويسعى لتوفير الوقت الكافي لوصول الدعم الذي ينتظر أن يحصل عليه بشكل ما، وهنا يأتي دور الإمارات.

وضمن هذا يتوقع أن يعلن خليفة حفتر عن تشكيل “مجلس سيادي” على غرار انقلابيي السودان ومصر، ولكنه سيسعى لضم شخصيات مدنية بجانب العسكرية بحكم الطابع القبلي للبلاد، ويعلن توليه قيادة البلاد فترة انتقالية مدتها عامان.