تمديد الهدنة.. واشنطن تدفع للصفقات ومتطرفو حكومة نتنياهو: حماس تنتصر

- ‎فيعربي ودولي

 

أكدت زيارة رئيس المخابرات المركزية الأمريكية وليم بيرنز للدوحة للاتفاق على أكبر تمديد للهدنة بقطاع غزة، ومن بعده تصريح وزير الخارجية الأمريكي اليهودي أنتوني بلينكن عصر الأربعاء المقرر والذي قال فيه: “سأعمل في إسرائيل على تمديد الهدنة لتحرير مزيد من الرهائن الذين احتجزتهم حركة حماس” أم إدارة الحرب ابتداء ومن ثم إدارة إنهائها تقوم عليها واشنطن بقوة ولا مكان للصهاينة (المسؤولين والوزراء منهم وليس المحللين) سوى التعليق بالمواقع والصحف! 

وفي مؤتمر صحفي لبلينكن في بروكسل عقب اجتماع لحلف شمال الأطلسي، مدح الهدنة، وقال: “استمرار الهدنة سيعني إطلاق سراح المزيد من الرهائن ودخول المزيد من المساعدات إلى غزة”.

 

وزعم أن الهدنة “شيء نريده. وأعتقد أنه شيء تريده إسرائيل أيضا”، مردفا، “نعمل على ذلك كل يوم وأتوقع أن أطرح ذلك غدا مع الحكومة حينما أكون في إسرائيل”.

 

وتتفاوض إسرائيل وحماس عبر وسطاء على تمديد هدنة مستمرة منذ ستة أيام شهدت إفراج حماس عن 60 امرأة وقاصرا إسرائيليا من بين 240 رهينة تحتجزهم منذ شن هجوم السابع من أكتوبر.

 

وفي المقابل أفرجت إسرائيل عن 180 محتجزا أمنيا جميعهم من النساء والقُصَّر.

 

بايدن يفر من الحرب؟!

ما ذهب إليه بلينكن، كان عجيبا بعدما أعلن في الأيام الأولى أنه قدم لتل ابيب كونه يهودي يريد الثأر من “حماس”، ولكن الأعجب هو فرار الرئيس جو بايدن من الحرب والمعارك!

جو بايدن، الذي قال ذات مرة عندما كان نائبا للرئيس السابق باراك أوباما عام 2013 في اجتماع لمنظمة يهودية- “لو لم تكن هناك دولة إسرائيل، لكان علينا أن نخترعها للتأكد من حماية مصالحنا” يقول في تصريح صباح الأربعاء 29 نوفمبر: “استمرار الحرب والمعارك والقتل سيُعطي حركة “حماس” ما تسعى إليه.. ولا يمكننا أن نفعل ذلك”.

 

وهو ما يعني صدق التقارير التي تابعتها الصحف الامريكية عن توسط إدارة بايدن من أجل التوصل إلى وقف أطول للحرب المستعرة منذ السابع من أكتوبر بين الكيان العدو والفصائل الفلسطينية في قطاع غزة رغم الهدنة القصيرة التي شهدها القطاع مؤخراً.

 

موقف حماس

حركة حماس التي أجبرت المحتل على قبول شروطها مستعدة اليوم لتمديد الهدنة في قطاع غزة لـ 4 أيام إضافية وإطلاق سراح المزيد من الرهائن وتعتبر مقترح وزير إسرائيلي دعم الاستيطان استمرار للعدوان.

وبحسب وكالات أبلغت حركة حماس الأربعاء استعدادها لتمديد الهدنة السارية مع إسرائيل حتى صباح الخميس لأربعة أيام إضافية، فيما يكثف الوسطاء الدوليون جهودهم للتوصل إلى وقف دائم لإطلاق النار.

ومن المتوقع الأربعاء (سادس أيام الهدنة) إطلاق سراح رهائن إضافيين محتجزين لدى حماس لقاء الإفراج عن معتقلين فلسطينيين من سجون الدولة العبرية، ومن المتوقع حصول عملية تبادل جديدة يفترض أن يسمح بالإفراج عن نحو 20 رهينة و60 معتقلاً فلسطينيا إضافياً.

وتفرج حماس يوميا منذ دخول الهدنة حيز التنفيذ الجمعة عن عشر رهائن من النساء والأطفال ممّن احتجزتهم خلال هجومها على إسرائيل في السابع من أكتوبر، مقابل إفراج الدولة العبرية عن ثلاثة أضعاف هذا العدد من السجناء الفلسطينيين من النساء والأطفال والشبان دون 19 عاماً.

وقالت وسائل إعلام صهيونية إن الحكومة تلقت الثلاثاء قائمة رهائن تعتزم حماس الإفراج عنهم الأربعاء، من غير أن يصدر أي تأكيد رسمي لذلك.

وسمح اتفاق الهدنة الذي تم التفاوض عليه بوساطة قطرية وبدعم من مصر والولايات المتّحدة بالإفراج حتى الآن عن 60 رهينة محتجزين في قطاع غزة و180 فلسطينيا من السجون الإسرائيلية. وأفرج كذلك عن 21 رهينة آخرين غالبيتهم من العمال الأجانب لكن خارج إطار الاتفاق.

 

وأعلنت السلطات التايلاندية أن 17 رهينة أطلق سراحهم في قطاع غزة سيعودون إلى البلاد الخميس.

 

وسجل بايدن موقفه الجديد، في تغريدة على حسابه في منصة (إكس) الأربعاء: “لقد شنت حماس هجوماً إرهابياً لأنها لا تخشى شيئاً أكثر من أن يعيش الإسرائيليون والفلسطينيون جنباً إلى جنب في سلام”.

 

وأضاف، “الاستمرار في السير على طريق الإرهاب والعنف والقتل والحرب هو بمثابة إعطاء حماس ما تسعى إليه”. متابعا: “لا يمكننا أن نفعل ذلك”.

 

وقال مراقبون إن تصريح بايدن الجديد مؤشر على ملامح تغير في الموقف الأمريكي، الذي وقف بقوة منذ الشهر الماضي إلى جانب الكيان الصهيوني المعتدي، رافضاً إرساء هدنة دائمة في القطاع الفلسطيني المحاصر، معتبراً أن ذلك قد يمنح فرصة لحماس من أجل التقاط أنفاسها؟!

 

صحيفة واشنطن بوست قالت إن بيرنز مدير (السي اي ايه) يحظى بثقة بايدن والموساد، وبذل جهودا حثيثة في الدوحة بعدما التقى ورئيس المخابرات الإسرائيلية ورئيس الوزراء القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، بهدف التوسط في تمديد الهدنة بشكل أطول وتبادل المزيد من الأسرى المحتجزين لدى حماس في غزة.

وأدت الحرب التي تفجرت في السابع من أكتوبر الماضي إثر الهجوم المباغت الذي شنته حماس على مستوطنات وقواعد عسكرية إسرائيلية إلى مقتل 1200 إسرائيلي، وأسر نحو 240.

 

وعلى الجانب الفلسطيني سببت الغارات الصهيونية في استشهاد أكثر من 15 ألف فلسطيني، أغلبهم من الأطفال والنساء.

 

وقال الباحث السياسي معين مناع إن التوصل إلى الاتفاق على هدنة إنسانية في قطاع غزة -الذي أعلن اليوم الأربعاء- يمثل ثمرة انتصار للمقاومة الفلسطينية التي استطاعت أن تحاصر قوات الاحتلال الإسرائيلي في بقعة محددة وأن تستنزفها.

 

وأشار الباحث في تصريحات صحفية إلى أن صمود المقاومة يمثل إهانة “للكيان الصهيوني”، وتهديدا للنفوذ الأمريكي في المنطقة، ووضع الجهود البريطانية والفرنسية التي استمرت 200 عام في مهب الريح.

 

انهزام الردع

ومن جانب الكيان الصهيوني، قال رئيس حزب “إسرائيل بيتنا”، المتطرف أفيجدور ليبرمان، إنّه “لا يجب على الحكومة الإسرائيلية بأي حال من الأحوال الموافقة على وقف طويل الأمد لإطلاق النار مع حماس من دون تحقيق أهداف الحرب”.

 

ووفق الإعلام الصهيوني الذي نقل تصريحات “ليبرمان”، فإن الأهداف تتمثل: بإطلاق سراح جميع الأسرى الإسرائيليين، والقضاء على حماس وقادتها، والتدمير الكامل لكافة البنى التحتية داخل قطاع غزة، وإبعاد خطر حزب الله إلى ما بعد الليطاني”.

 

“ليبرمان” قال إنّ “معنى وقف إطلاق النار لفترة طويلة من دون تحقيق أهداف الحرب، سيكون انتصاراً لحماس، واستمراراً لحكم يحيى السنوار، الأمر الذي من شأنه أن يلحق ضرراً خطيراً بالردع الإسرائيلي”.

 

وأضاف أنّه “في حال الموافقة على وقف طويل لإطلاق النار فلن يعود أي ساكن في الجنوب أو الشمال إلى منزله”، مضيفاً: “علينا الحسم”.

 

سقوط الأهداف

وقالت صحيفة “نيويورك تايمز” إنه “كلما طال أمد عملية تبادل الأسرى، كلما تعاظمت المعضلة التي تواجه إسرائيل”، وأنّ التوقف الطويل عن القتال “يبطئ زخم الغزو الإسرائيلي ويعرض للخطر هدف إسرائيل المتمثل في إزاحة حماس”. 

ونقلت الصحيفة عن المعلق السياسي في صحيفة “هآرتس” أنشيل فيفر قوله إنّ “بعض الإسرائيليين يخشون من أن التمديد المطول سيعطي حماس الكثير من التأثير على النفسية الإسرائيلية”.

 

وذكرت الصحيفة أنّ تأخير استئناف الهجوم من شأنه أن “يضع نتنياهو على مسار تصادمي مع وزراء الحكومة اليمينيين المتطرفين” الذين أيدوا وقف إطلاق النار على “مضض”، لأنهم حصلوا على تأكيدات بأن “الغزو سيستمر بعد هدنة قصيرة فقط”. 

الإعلام الصهيوني ذكر أنّ “وزيري حكومة الاحتلال بتسائيل سموتريتش وإيتمار بن غفير، هددا بتفكيك الحكومة والانسحاب منها في حال التوصل لوقف إطلاق نار نهائي في قطاع غزة.

 

غير أن الإعلام ذاته، تحدّث عن التحديات التي تواجه “جيش” الاحتلال في قطاع غزّة، مؤكّدةً قوة المقاومة الفلسطينية، مشيرة إلى أنّ حركة حماس “لم تنهار بعد”. 

وأضافت أنّ “إسرائيل” فشلت في تصفية مسؤولي الحركة الذين أعلنتهم أهدافاً لعملياتها.

 

حماس تنتصر

ومن جانبه، أكد معهد دراسات “الأمن القومي” الإسرائيلي أنّ حركة حماس “انتصرت، في نهاية المطاف، في معركة أخرى من معارك الحملة المعرفية المستمرة”، ونجحت في التلاعب بـ”إسرائيل” كلها.

 

وشدّد المعهد على أنّ حماس نجحت، مرةً أخرى، في السخرية بـ”إسرائيل”، وإرهاق أعصابها، وجني المكاسب في المجال المعرفي، أي التأثير في الجمهور.

 

ووفقاً له، فإنّ هذا الأمر “إشارة مهمة” إلى داعمي الحركة على صمودها وتمسّكها بمواصلة النضال.

 

في المقابل، تواصل “إسرائيل” إظهار ضعفها على الصعيد المعرفي والحرب ضدّ المقاومة، وترك الصفقة في يدي حماس، بحسب ما أضاف “الأمن القومي الإسرائيلي”.

 

ولفت المعهد إلى الابتهاج الذي قوبل به تحرير الأسرى الفلسطينيين من سجون الاحتلال، في كل من الضفة الغربية والقدس المحتلة، بحيث تعالت رموز حركة حماس.

 

وأشارت إلى أنّ تحرير الأسرى فُسِّر على أنّه انتصار وإنجاز جديدان لحماس، مؤكداً أنّ هذه العملية تؤدي إلى “تعميق قبضة الحركة على الضفة الغربية، والدعم الشعبي لها، على حساب السلطة الفلسطينية وإضعافها”.

 

وأكدت صحيفة “إسرائيل هيوم” في تقارير سابقة أنّ الحركة “بعيدة عن الانهيار”، مشددةً على أنّ عملية تحرير الأسرى من قطاع غزّة “تجري تماماً كما تريد حماس”.

 

واعتبرت مراسلة الشؤون العسكرية في الصحيفة، ليلاخ شوفال، أنّ رئيس حركة حماس في غزة، يحيى السنوار، “تمكّن من خلال الصفقة من وقف الهجوم الإسرائيلي، الذي كان في ذروة زخمه”.

 

واتفق المسؤول في غلاف غزة، حاييم يلين، معها من أنّ السنوار “يتلاعب بنا ويسخر منا، فلنخفض قليلاً من الاستعلاء، ونفهم أنّ هذا الشخص يلعب بنا، كل ساعة”.

 

من جهتها، أكدت صحيفة “هآرتس” الصهيونية أن لا أحد يطرح إمكان أن “تتوقف حماس عن الوجود”، كحركة فكرية وسياسية، “حتى لو تدمّرت مؤسساتها في غزة”.

]
محلل شؤون الشرق الأوسط في هآرتس، تسفي برئل، قال في مقال إن “الحرب تستولد الآن الروح الفلسطينية الجديدة، وهي بتوقيع حماس”، مشيراً إلى أنّ العدوان على قطاع غزة “لن يغيّر هذه الحقيقة”.

 

وأضافت أنّ حماس نجحت في التوليف بين كونها حركةً دينية وحركةً وطنيةً، تطمح إلى تحرير كامل فلسطين من الاحتلال الإسرائيلي، بما يشمل كل الأراضي المحتلة في فلسطين التاريخية، وليس فقط الأراضي التي احتُلت عام 1967.

 

الحرب الأخيرة

ويبدو أن تحليل هآرتس عن الغاية التي تسلكها حماس لاستعادة كامل الأرض، قابله تحليل من الإعلامي أحمد منصور الذي كتب تحت عنوان “طوفان الأقصى ..هل تكون الحرب الأخيرة؟” أن “طوفان الأقصى قد تكون الحرب الأخيرة بين المقاومة الفلسطينية والإسرائيليين، لأن حجم البأس الشديد والصراعات الداخلية العاتية بين قادة المشروع الصهيوني في اسرائيل قد تكفي المؤمنين شر القتال لأن حجمها كفيل باندلاع صراعات داخلية وحرب ضروس بينهم فور الإعلان عن انتهاء الحرب تفوق الخيال. 

وعبر وأضاف “منصور” أن “الكثيرين منهم لاسيما المتطرفين لا يريدون نهاية الحرب ويهددون بالانسحاب من الحكومة وهدمها إذا توقفت الحرب، هذا الصراع الداخلي قد يؤدي على المدى القريب أو البعيد إلى بداية تفكيك “اسرائيل” ونهايتها على أيدي الصهاينة أنفسهم كما انتهت الدولتين اليهوديتين الأولى والثانية على أيدي قادتها، كما انتهت دول كثيرة في التاريخ القريب والبعيد بسبب الصراعات الداخلية”.

 

وزاد “منصور” في تفاؤله بغرق الولايات المتحدة “التي تعتبر شريان الحياة الرئيسي لإسرائيل في صراعات داخلية وأزمات اقتصادية تحول بينها وبين مشروعها الصهيوني، وهذا ما يسمى بلعنة العقد الثامن التي يخاف منها الصهاينة برعب ويترقبونها بهلع مثل المصاب بورم الدماغ الخبيث الذي ينتظر نهايته الحتمية في أي وقت”.

 

وأوضح أن “كلا الدولتين اليهوديتين في التاريخ سقطتا قبل أن تتم أي منهما ثمانين عاما، وهذه اللعنة يتحدثون عنها في كل وسائل إعلامهم بهلع واضطراب وفقدان للرؤية أو الحل أو العلاج مثل المصاب بمرض وراثي مميت لا دواء له ولا مصل ولا علاج وإنما ينظر إلى حفرة نهايته ويخطو نحوها مرغما كل يوم خطوة حتى يسقط في النهاية فيها، و في هذه الحالة لن تفلح أمريكا ولا أوروبا ولا كل حلفاء إسرائيل العرب في الإصلاح بينهم أو إنقاذهم من هذا المصير المحتوم”.

 

وأشار إلى أن الصهاينة “عمليا فهم يعيشون في الصراعات الداخلية منذ 5 سنوات وعقدوا 5 انتخابات وشكلوا عدة حكومات متصارعة فاشلة ولم ينجح أحد في الإصلاح بينهم، لكن حرب طوفان الأقصى هي التي وحدتهم شكليا وأجّلت صراعاتهم وهي التي ستفجرهم من الداخل فور انتهائها”.

 

ورصد مظاهر هذا الصراع في “إلحاح لاسيما للمتطرفين داخل اسرائيل بأن تستمر الحرب رغم كل خسائرها الفادحة لأنها ملهاة لهم عن تفجر الوضع الداخلي، وتمنحهم نشوة الوحدة الزائفة والغيبوبة عن استيعاب حجم الهزيمة”.

 

https://twitter.com/amansouraja/status/1729727004142944370