حظر المساجد والسماح بالكنائس.. هل بدأت مرحلة تأسيس دولة الكنيسة؟

- ‎فيتقارير

كتب- رانيا قناوي:

 

يبدو أن سلطات الانقلاب بدأت في التأسيس لدولة الكنيسة، والعمل على عودة منابر التبشير مجددًا، بدايةً من الجامعات والمدارس، ومرورًا بتكوين الأحزاب السياسية، ونهاية بغزو آلاف الكنائس التي من المنتظر أن تبدأ الحكومة في التصريح ببنائها، بعد الصفقة التي عقدها البابا تواضروس بطريرك الكرازة المرقسية وبابا الإسكندرية، بعد التعهد باستمرار دعم قائد الانقلاب على حساب جثث الأقباط، الذين تم التضحية بهم خلال عدد من التفجيرات التي طالت بعض الكنائس، خلال الأونة الأخيرة.

 

غزو الكنائس

 

بالتزامن مع إعلان محمد مختار جمعة وزير الأوقاف بحكومة الانقلاب، أنه تقرر حظر بناء المساجد إلا بترخيص رسمي من الوزارة، بشرط أن تكون مساجد جامعة لدور تحفيظ القرآن الكريم ومستوصفات طبية وحضانة للأطفال لتقديم خدمة مجتمعية حقيقية، وعدم السماح مطلقا ببناء المساجد الصغيرة المعروفة "بالزوايا".

 

في تلك الأثناء تقدمت الكنيسة القبطية الأرثوذكسية رسميًا بأوراق ثبوتية ورسوم هندسية ومستندات ملكية لما يقرب من 2500 كنيسة فى مختلف أنحاء الجمهورية، تقام بها الشعائر الدينية منذ سنوات دون أن تحصل على ترخيص رسمى فى انتظار تقنين أوضاعها من قبل اللجنة الوزارية التى تشكلت بناءً على مرسوم قانون بناء وترميم الكنائس الصادر العام الماضى.

 

وكان قد صدر قانون تنظيم بناء الكنائس في 30 أغسطس عام 2016، إلا أن اللائحة التنفيذية للقانون لم تصدر حتى الآن، ومع ذلك تبدأ سلطات الانقلاب في العمل على إصدار التصاريح بهذا العدد الكبير من الكنائس، بعد الضغوط الكنيسة من خلال رجال الكنيسة في برلمان العسكر.

 

وشكلت الكنيسة القبطية الأرثوذكسية لجنة كنسية بقرار من تواضروس الثانى، بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية، برئاسة الأنبا إيلاريون، الأسقف العام لكنائس غرب الإسكندرية، وضمّت القس ميخائيل أنطون، نائباً للرئيس، وعضوية كل من الدكتور هانى كميل، مدير الديوان البابوى، وأشرف سمير، المحامى، والمهندس حنا حليم.

 

وقال القس ميخائيل أنطون نائب رئيس اللجنة الكنسية، في تصريحات صحفية، اليوم السبت، أن الكنيسة القبطية تقدمت بكافة الأوراق الثبوتية الخاصة بالكنائس إلى اللجنة الوزارية بل قدمت ما تم جمعه من الإيبراشيات المختلفة الموزعة على مستوى الجمهورية، وما زالت تواصل أعمال الحصر والحصول على مستندات الملكية والتوثيق.

 

وتسعى الكنيسة الأريوذكسية لتقنين 4 آلاف مبنى تم بناؤها في غفلة من الدولة بعد ثورة 25 يناير، تحت مسمى مباني ومستشفيات لتقديم الخدمات المجتمعية، ليتم تحويلها فجأة إلى كنائس ويتم إقامة الشعائر الكنسية بها.

 

وكشف أنطون عن الرقم التقديرى للكنائس الأرثوذكسية التى تنتظر تقنين أوضاعها، حيث بلغت 2500 كنيسة، بينها عدد غير قليل من الكنائس الأثرية الموجودة فى مصر منذ ما يزيد عن المائة عام، لافتًا إلى أن الكنيسة عملت على تقديم قوائمها على عدة مراحل.

 

 تقنين الكنائس

 

وكان قانون بناء الكنائس قد حدد مدة سنة منذ صدور قرار تشكيل هذه اللجنة للانتهاء من عملها، ولا يجوز لها النظر فى أى طلبات ترد بعد هذا الموعد، وسمح القانون لمجلس الوزراء، فى حالة الضرورة، وفق ما تعرضه لجنة تقنين الكنائس والمبانى الكنسية غير المرخصة لإصدار ما يلزم من قرارات فى هذا الشأن.

 

ويحدد القانون للجنة المشكلة عدة شروط لتقنين الكنائس والمبانى الكنسية غير المرخصة، وذلك طبقًا لنص المواد من الثامنة إلى العاشرة من القانون رقم 80 لسنة 2016 الخاص ببناء وترميم الكنائس، حيث يشترط فى تقنين الكنائس أن تكون مبانيها مقامة قبل تاريخ العمل بأحكام هذا القانون، وتُقام بها الشعائر الدينية المسيحية، ويشترط أن تثبت سلامة مباني الكنيسة الإنشائية وفق تقرير من مهندس استشارى معتمد من نقابة المهندسين، وإقامته وفقاً للاشتراطات البنائية المعتمدة، وأن تكون مباني الكنيسة ملتزمة بالضوابط والقواعد التى تتطلبها شئون الدفاع عن الدولة، وهي عدم إقامتها على مناطق عسكرية، والقوانين المنظمة لأملاك الدولة العامة والخاصة، وفى حال تأكد توافر تلك الشروط فى الطلبات المعروضة على اللجنة من الممثلين القانونيين للطوائف المسيحية المعترف بها فى مصر، ترفع توصية بالتقنين ويصدر القرار من مجلس الوزراء بتوفيق الأوضاع.

 

غزو الجامعة

 

وبالتزامن مع البدء في إصدار تصاريح آلاف الكنائس، وبالرغم من حظر العمل الدعوي والسياسي داخل الجامعات المصرية، وهدم كل مساجد الجامعة، بدأت سلطات الانقلاب في السماح مع بدء العام الدراسى الجديد، وانتظام الطلاب فى المدارس والجامعات؛ لعودة الأسر الجامعية الكنسية لنشاطها فى الجامعات المصرية لتجمع الطلاب الأقباط تحت لوائها فى الاجتماعات الطلابية وتمد الخدمة الكنسية إلى خارج أسوار الكنيسة لتصل إلى قبة الجامعة.

 

وذكر تقرير صحفي أن بداية تأسيس خدمة الأسر الجامعية كانت بفكرة من البابا شنودة فى نهاية الثمانينات، وهى الفكرة التى لاقت قبولًا كبيرًا فى الأوساط الكنسية حيث اسندت للأنبا موسى أسقف الشباب الذى كلفه البابا بتلك المهمة ومازال يشغل المنصب حتى اليوم.

 

ويؤكد الأنبا صموئيل أسقف الخدمات العامة والاجتماعية، أحد مساعدى البابا شنودة، فى كتابه الشهير اللاهوت الرعوى، على ضرورة استمرار العمل بالأسر الجامعية، مضيفا أن الفكرة تأسست فى ظل الاحتياج إلى تنظيم خاص للشباب جديد فى تركيبه ووسائله، فهو ليس امتدادا لفكرة مدارس الأحد التى يتعلم فيها طلاب المدارس العلوم الكنسية بالكنائس التابعين لها، ولكن من الأفضل أن يأخذ صبغة هيئة أو جماعة وليس مجرد حيث يشعر الشباب بأنها تتناسب مع مرحلته الجديدة ويمكنه أن يفخر بالانتساب إليها.

 

 لتكون أسر الكنيسة بداية لعودة التبشير داخل أروقة وحرم الجامعات المصرية، بعد انتشارها في الشوارع وأمام الطنائس من خلال توزيع الكتيبات الصغيرة والأناجيل، على المسلمين، فضلا عن انتشار دور الرعاية المجتمعية للكنيسة على حساب دور الرعاية المجتمعية للجماعات الخيرية الإسلامية، الأمر الذي زاد من احتكاك الكنيسة بالمسلمين بشكل مكثف، ونشر دعوات التبشير علانية، بالتزامن مع انتشار الفضائيات النصرانية المصرية التي تسب الإسلام ليل نهار، برعاية الكنيسة، ووسط صمت الدولة التي تسمح بخروج مثل هذه الفضائيات.

 

ويرى الأنبا صموئيل أن فكرة الأسر الجامعية تقوم على الأنشطة وليس على الكلام، وعلى الحوار والبحث وليس التلقين، ويتولى الشباب أنفسهم القيادة والترتيب وكل شيء عبر مجلس "مختار أو منتخب"، ولجان فرعية للأنشطة دون أن تنقطع فكرة العبادة "الصلاة ودرس الكتاب والترتيل" مشددًا: لا بد وأن تكون الموضوعات فى شكل ندوات للحوار، وتدور حول مشاكلهم واحتياجاتهم وليس منهج نظرى لا يمس مجتمعهم.

 

 تؤدى الأسر الجامعية عبر لجانها المختلفة عدة أدوار، فهناك لجنة الرحلات، وأخرى تتابع الخدمات التى تؤدى للمجتمع وللكنيسة، ولجنة للمخيمات والمصايف وبيوت الخلوة التى يحرص الشباب المسيحى على الانضمام لها فى الأديرة للتعبد.

 

 كما ترى ماريا صفوت الطالبة بجامعة عين شمس وأحد المنضمين لخدمة الأسر، أن الأسر الجامعية ساهمت فى ربط الشباب المسيحى فى الجامعة وتعريفهم ببعضهم البعض، ففى كل كلية هناك أسرة جامعية، وفى الكليات الأقل عددًا ينضم الطلاب للكليات المجاورة، وتؤكد أن الأسر ربطت الكنيسة بالجامعة وخلقت مساحة من الود والتعارف دون أن تمنع الشباب القبطى من الانضمام لباقى الأنشطة الجامعية العامة بل شجعت على ذلك.

 

وتعددت الشبكات التنصيرية فى مصر وتنوعت فى اساليبها واشكالها وأسمائها، وعلى رأسها "حررني يسوع" و"شبكة قمح مصر"، وتنشط هذه الشبكات في القاهرة والمنيا، وتنشط في الريف المصري ويقوم عليها مجموعة من المتنصرين العرب الأجانب وتقوم هذه الجمعيات بزيارة المناطق الفقيرة والمعدمة وتقوم ببناء البيوت ودفع اشتراكات التلفونات ومصاريف المدارس وتشارك هذه الجمعية في مشروع بناء مصر العليا وهو مشروع تنصيري ممول من جمعيات تنصيرية أوربية، كما تقوم ببناء مشروعات صغيرة لفقراء المسلمين عن طريق القروض الميسرة وتنشط في القاهرة الكبرى بوجه خاص لاسيما المناطق العشوائية.