أفادت “لجنة العدالة – كوميتي فور جستس” بأنّ الأشهر الأخيرة من عام 2024 بالإضافة إلى بداية عام 2025 شهدت إحالة نيابات أمن الدولة بسلطة الانقلاب العسكرى في مصر أكثر من 130 قضية إلى المحاكمة الجنائية، علماً أنّها شملت أكثر من خمسة آلاف متهم. وقد أحيلت كلها إلى محكمة الجنايات ودوائر الإرهاب “المعروفة بتساهلها في قبول الأدلة غير الموثوقة، وعدم توفير فرص دفاع عادلة للمتهمين” بحسب ما لفتت اللجنة في بيان لها أصدرته الجمعة الماضية.
ورأت اللجنة أنّ “المثير للقلق أنّ هذه القضايا تشمل طيفاً واسعاً من المجتمع المصري، إذ تضمّ مدافعين عن حقوق الإنسان، وسياسيين معارضين، وصحافيين، وكُتّاباً، واقتصاديين، ونقابيين، ومحامين، وعمّالاً، وشباباً، وسيدات، وأطفالاً وكباراً في السنّ من مختلف المحافظات، من سيناء إلى مطروح وحتى أقصى الصعيد مروراً بالقاهرة الكبرى”. أضافت أنّ “من بين هؤلاء، من قضى بالفعل عقوبات بالسجن وصلت إلى عشر سنوات، ليجد نفسه متّهماً مجدّداً بالتهم نفسها أو بتهم ملفّقة جديدة”، إلى جانب “من حُبس احتياطاً لفترات تجاوزت خمس سنوات في أكثر من قضية، في خرق واضح للدستور والقوانين المصرية نفسها. وبدلاً من الإفراج عن هؤلاء بعد انقضاء المدد القانونية لحبسهم الاحتياطي، لجأت السلطات إلى إحالتهم إلى المحاكمات الجنائية وسيلةً لاستمرار احتجازهم، وهي سياسة تستهدف الالتفاف على القانون وضمان بقائهم في السجون لفترات غير محدّدة”.
وحذّرت “لجنة العدالة – كوميتي فور جستس”، في بيانها الأخير، من أنّ “هذه الإحالات تمثّل تمهيداً لمحاكمات تفتقر إلى أبسط معايير العدالة، إذ يُنظر في هذا الكمّ الكبير من القضايا أمام دائرتَين فقط، وهو ما يجعل من المستحيل توفير وقت كافٍ لتفنيد الأدلة، وسماع المرافعات وتقديم الدفاع بشكل يضمن العدالة للمتّهمين”.
وقد طالبت “لجنة العدالة” سلطات مصر بـ”التوقّف عن سياسة إعادة الاتهامات (تدوير الاعتقال) التي تنتهجها النيابة العامة للتحايل على القانون، وإبقاء المعتقلين قيد الاحتجاز رغم انتهاء مدد عقوباتهم”. كذلك طالبت بـ”ضمان التزام السلطات القضائية في مصر بالمعايير الدولية للعدالة، بما يشمل تمكين المتهمين ومحاميهم من الاطلاع الكامل على أوراق قضاياهم، وفحص الأدلة ضدّهم، وتقديم دفاعهم بصورة عادلة تضمن لهم حقوقهم القانونية”. ودعت “لجنة العدالة” السلطات أيضاً إلى الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المتّهمين في تلك القضايا الملفّقة، بالإضافة إلى جميع المحتجَزين تعسفياً بناءً على اتهامات فضفاضة وغير مبرّرة. وشدّدت على أهمية احترام استقلال القضاء، وعدم استغلاله بوصفه أداة لمعاقبة الناشطين السياسيين والحقوقيين.
وفي بيانها نفسه، شدّدت “لجنة العدالة” على أهمية تحسين أوضاع السجون في مصر حتى “تتماشى مع القوانين الوطنية والمعايير الدولية لحقوق الإنسان”، مشيرةً إلى أنّ المحتجزين يعانون من “ظروف احتجاز غير إنسانية تشمل الحرمان من الرعاية الصحية الأساسية، الحبس الانفرادي لفترات طويلة، وعدم السماح لهم بالتريّض أو الحصول على احتياجاتهم الأساسية”، وذلك في “انتهاك واضح للمواثيق الدولية المتعلقة بحقوق السجناء”. ومن هنا، طلبت اللجنة السماح للمنظمات الحقوقية المستقلة، سواء المحلية أو الدولية، بأن تزور سجون مصر من أجل “مراقبة الأوضاع الداخلية وضمان امتثال السلطات للمعايير الإنسانية”.