بسبب كورونا.. الدول المنتجة للقمح توقف تصديره وقلق وخوف بين الخبراء

- ‎فيتقارير

مع بدء موسم حصاد القمح وتوريده لوزارة التموين بحكومة الانقلاب، تواجه مصر أزمة كبيرة فى توفير احتياجاتها من القمح هذا العام؛ بسبب انتشار فيروس كورونا المستجد، ووقف الدول المنتجة مثل روسيا وأوكرانيا والولايات المتحدة الأمريكية تصدير المحصول لتأمين احتياجاتها خلال الشهور المقبلة؛ بسبب تخوفها من تطورات أزمة كورونا وما قد تسببه من انعكاسات سلبية على المحصول الذى يعد الغذاء الرئيس لأغلب شعوب العالم .

يشار إلى أن المساحة المزروعة من القمح هذا العام 3.4 مليون فدان، وتستهلك مصر نحو 16 مليون طن قمح سنويًا، بينما الإنتاجية المتوقعة حوالي 9 ملايين طن، تشترى منها حكومة الانقلاب 3.5 مليون طن، أي ما يعادل نحو 35 بالمئة فقط من إجمالي الاستهلاك، وتستورد النسبة المتبقية لتوفير رغيف الخبز الذي يستهلك نحو 10 ملايين طن قمح سنويًا.

كانت حكومة الانقلاب قد أعلنت عن أسعار توريد القمح لعام 2020 على النحو التالي: 700 جنيه للإردب درجة نظافة 23.5 قيراط، و685 جنيها للإردب درجة نظافة 23 قيراطا، و670 جنيها للإردب درجة نظافة 22.5 قيراط، وهو ما أثار استياء المزارعين، خاصة فى ظل تراجع إنتاجية الفدان بسبب عاصفة التنين التى ضربت البلاد فى مارس الماضى .

فهل يواجه المصريون مجاعة هذا العام نتيجة وقف الدول المنتجة للقمح تصديره وعدم كفاية الإنتاج المحلى؟

من جانبها حذرت منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة، ومنظمة الصحة العالمية، ومنظمة التجارة العالمية، من خطر حصول نقص في المواد الغذائية بسبب فيروس كورونا.

وقالت المنظمات، في بيان مشترك لها، إن الغموض بشأن توفر الغذاء يمكن أن يتسبب فى موجة قيود على التصدير التي قد تسبب بدورها نقصا في السوق العالمية .

أزمة كبيرة

وتوقع الدكتور عبد التواب بركات، مستشار وزير التموين الأسبق، أن تواجه مصر أزمة كبيرة بسبب وقف تصدير القمح من جانب الدول المنتجة، مشيرا إلى أنه كان من المفترض أن تدعم حكومة الانقلاب الفلاحين لتشجيعهم على زراعة القمح من أجل تحقيق الاكتفاء الذاتى، لكن هذا لا يحدث لأنها تفضل الاستيراد على زيادة الإنتاج المحلى .

وقال بركات، فى تصريحات صحفية: إن حكومات الدول المنتجة للقمح تدعم المزارع؛ لأن محصول القمح يشغل الأرض الزراعية فترة طويلة ويحتاج إلى تكاليف باهظة، لكن حكومة الانقلاب تحرم الفلاحين ومزارعي القمح على وجه الخصوص من كل صور الدعم .

وكشف عن أن بند دعم الزراعة في الموازنة العامة لدولة العسكر يساوي صفرا منذ عدة سنوات، بعد أن كان يزيد على ستة مليارات جنيه فى الماضى، منتقدا أسعار توريد القمح التى أعلنت عنها حكومة الانقلاب .

وأكد بركات أن تحديد ما يتراوح بين 670 و700 جنيه للإردب هو سعر مجحف للفلاح، ولا يغطي الزيادة في تكاليف الزراعة والأسمدة وإيجار الأرض وتكلفة العمالة المستخدمة في الحصاد، ويبخس من قيمته الحقيقية .

وأشار إلى أن خسائر مزارعي القمح هذا العام ستزيد بسبب تلف نسبة كبيرة من المحصول بفعل السيول والأمطار التي ضربت البلاد قبل أسابيع من الحصاد وتسببت في تلف الحبوب، ورغم ذلك امتنعت حكومة الانقلاب عن تعويض المزارعين.

وحول تفضيل حكومة الانقلاب استيراد القمح عن زراعته، أوضح بركات أن حكومة الانقلاب تفضل استيراد الأقماح الروسية والأوكرانية والفرنسية منخفضة الجودة والبروتين والعالية الرطوبة والملوثة بفطر الإرجوت لاعتبارات سياسية، مشيرا إلى أنها دائما ما تعلن عن سعر منخفض للقمح المحلي، ما يدفع المزارعين لتخفيض مساحة القمح ويعزفون عن زراعته، وبالتالى تنفذ هى الأجندة التى تريدها وتسعى إليها .

السياسات الزراعية

وحذر الدكتور نادر نور الدين، الأستاذ بكلية الزراعة جامعة القاهرة، من أن هناك تغيرات كبيرة في السياسات الزراعية وفى أسعار بورصات الغذاء ستشهدها الأسواق العالمية بسبب أزمة فيروس كورونا، وربما تصل إلى أزمة غذاء عالمية جديدة ترتفع فيها الأسعار عاليا، كما حدث في أزمتي الغذاء عامي 2008 و2010.

وأكد نور الدين، فى تصريحات صحفية، أن الأزمة الحالية كشفت عن أن الاعتماد على الزراعات التصديرية مخاطرة كبيرة؛ لأنها مرتبطة بظروف الدول المستوردة وفرضها العديد من القيود عليها، ثم الأوبئة العالمية ومضاربات البورصات العالمية، بجانب ظروف الدول المصدرة والتى قد توقف التصدير لأسباب كثيرة.

وشدد على أنه من الأفضل للدول النامية المستوردة للغذاء أن تتجه إلى زراعات الاكتفاء الذاتي من الأغذية الأساسية والاستراتيجية التي تقلل من وارداتها للغذاء.

نظام العسكر

وأكد عبد الرحمن شكري، وكيل لجنة الزراعة بمجلس النواب سابقا، أن سياسة حكومة الانقلاب في التعامل مع القمح ستقضي على زراعته مستقبلا، كما قضت على زراعات كثيرة كالفول والعدس والقطن، مشيرا إلى أن سياسة نظام العسكر ستجعل البلاد تعتمد على الاستيراد بشكل كامل .

وقال شكري، فى تصريحات صحفية: كان الأولى أن تحافظ حكومة الانقلاب على هذا المحصول الاستراتيجي خاصة في ظل أزمة وباء فيروس كورونا، وأن تكافئ الفلاح على جهده طوال العام، محذرا من أنها تتخلى عن أهم محصول استراتيجي وتهدد أمنها الغذائي بنفسها كالتي نقضت غزلها من بعد قوة .

وأوضح أن حكومة الانقلاب كان ينبغى أن تراعى أن القمح تضرر بعد تعرضه لسيول نتيجة سوء الأحوال الجوية التي مرت بالبلاد، ومن قبلها أصيب بعض المحصول بالصدأ، وعليه كان يجب مراعاة تلك الظروف الطارئة، مشيرا إلى أن احتساب سعر الإردب، يجب أن يكون بحساب المصروفات والجهد المبذول طوال 6 شهور، يضاف إليها هامش ربح، لكن هذا لا يحدث للأسف .

وأكد شكري أن الحد الأدنى لسعر الأردب كان يجب أن يكون 900 جنيه وليس 700 جنيه، موضحا أن مقارنة القمح المصري بسعر القمح العالمي (الروسي والأوكراني) ظالمة؛ لأن القمح المصرى أفضل بكثير، لكن للأسف لا توجد حكومة تعمل لصالح الفلاح الذي لا يجد أي دعم؛ نتيجة منظومة الفساد في وزارتي التموين والزراعة بحكومة الانقلاب .