نادية مصطفى: النظام يبيع حقوق وطنه السيادية

- ‎فيأخبار

أحمدي البنهاوي
قالت الدكتورة نادية مصطفى، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة: إن "نظام 3 يوليو" تخاذل أمام قضايا استراتيجية مهمة من صميم الأمن القومي المصري، مثل أزمة سد النهضة الإثيوبي، وترسيم الحدود المصرية القبرصية اليونانية في البحر المتوسط، والإجراءات المصرية بشمال سيناء في رفح والعريش تحديدًا، والآن صفقة الجزيرتين تيران وصنافير".

وأكدت أن كل تلك الملفات "مفاصل متراكمة عن تدشين مصر بنفسها وذاتها لخطط إعادة التشكيل والتقسيم في المنطقة، وبرعاية "إسرائيلية" ومباركة أمريكية".

وجاءت تأكيدات "د. نادية" ضمن ما نشره "المعهد المصري للدراسات السياسية والاستراتيجية"، خلال مقال لها بعنوان "صفقة الجزيرتين: التداعيات والدلالات الاستراتيجية"، حذرت فيه من أن النظام لا يكترث لبيع حقوق وطنه السيادية، وينتهك بنفسه وبطريقة انفرادية تسلطية سيادة وسلامة أراضي الوطن".

منبهة إلى أن النظام لا يهتم بحال الأوطان العربية الأخرى ودولها، وحال شعوبها إلا بالقدر الذي يحفظ بقاءه في السلطة، ويحفظ مصالحه المتحالفة والخادمة لمصالح الأعداء الحقيقيين لهذه الأوطان، الذين يراقبون مذابح شعوبنا بدم بارد، ويتباكون على اللاجئين بدموع التماسيح، ويتداعون على داعش ويتواطؤون مع من لا يقل عنها إرهابًا.

مشهد الجزيرتين

وقالت الدكتورة نادية مصطفى: إن "مشهد صفقة الجزيرتين ناقوس جديد" يذكر بأن "نظام 3 يوليو ليس انقلابًا على ثورة مصر فقط، ولكنه انقلاب على كافة الثورات في المنطقة، محليًا وإقليميًا وعالميًا، لإجهاض عملية التغيير الحقيقية التي بزغت منذ خمس سنوات لإجهاض مشروع الشرق الأوسط الكبير".

وفندت الخبيرة السياسية ردود الفعل حول "صفقة الجزيرتين" على أمرين: الأول يروجه النظام ويدافع به عن نفسه، وهو أن الجزيرتين ملكية سعودية. وثانيا: ينطلق منه هجوم ورفض المعارضين للاتفاقية (المجهولة حتى الآن) وهو المساس بالسيادة المصرية وسلامة أراضيها وطريقة صنع القرار وكيفية الإعلان عنه، ومبررات دفاع الحكومة والخارجية ثم "السيسي" (13/ 4/ 2016) عنه.

ورأت أن السؤال الذي يجب طرحه بقوة هو: ما الدلالة الاستراتيجية الإقليمية في خضم سياسات وخطابات إقليمية وعالمية حول "إعادة تشكيل أو تقسيم المنطقة؟.

ثم اكتفت "د. نادية" بمجموعة من الأسئلة المنبثقة عن السؤال الرئيسي، وإن كانت تحمل دلالات تحتاج إلى مؤشرات تحليلة، وإن كانت تدور حول دور خياني خسيس من منظومة إقليمية تتصدرها مصر "نظام ما بعد 3 يوليو"، لصالح "الإسرائيلين والأمريكان".

تداعيات الصفقة

وأشارت إلى أن الصفقة تمت أثناء زيارة الملك سلمان لمصر، وأن نتائجها التي يتم تصويرها على أنها "نقلة نوعية" في علاقات البلدين، هي أكبر وذات أبعاد إقليمية وعالمية لا تقل أهمية، تتعلق بتسويات للصراعات في ليبيا واليمن وسوريا والعراق، والبحث عن نقاط التقاء للموقفين السعودي و"المصري"، ومن ذلك؛ وقف نايل سات بث قناة المنار، وتصريحات الجبير خلال زيارة الملك سلمان عن تجريم السعودية للإخوان بتهمة الإرهاب وعدم التعامل مع إخوان اليمن، وهل نجح "سلمان" في تجسير الفجوة بين مصر وتركيا، وقد كانت أنقرة المحطة الثانية مباشرة لسلمان بعد القاهرة؟ ولماذا؟ ألم تكن ثلاثية التحالف السني (السعودي التركي القطري) كافية؟.

التوقيت الحرج

وقالت أستاذ العلوم السياسية: "لماذا هذا التوقيت بالنسبة للسعودية؟ وما النتائج بالنسبة للالتزامات السعودية الإقليمية وخاصة في مواجهة "إسرائيل"؟ وما التداعيات بالنسبة لاتفاقية "كامب ديفيد" حيث إن الجزيرتين تقعان في المنطقة "ج"؟ وهل سيتم تعديل الاتفاقية؟ هل ستدخل فيها السعودية أم سيتم الاكتفاء بما أعلنت عنه السعودية عن التزامها بموقع الجزيرتين من الاتفاقية، وكذلك الاكتفاء بالتنسيق الرباعي، المصري السعودي "الإسرائيلي" الأمريكي، الذي وافق على نقل السيادة على الجزيرتين للسعودية، وذلك وفقًا لتصريح وزير الدفاع الإسرائيلي في نفس اليوم؟ وألا يتحقق مع هذا لـ"إسرائيل" خطوة نحو التطبيع مع السعودية، ولو من خلال مفاوضات غير مباشرة؟ وألا تسعى "إسرائيل" لذلك منذ زمن؟".

وأوضحت أنه يتردد تحليلات عن التوافق الضمني في المصالح الآن بين السعودية و"إسرائيل" في مواجهة إيران بعد الاتفاق النووي الإيراني مع الغرب بقيادة أمريكية وما صاحبه من جفوة في العلاقات الأمريكية مع السعودية ومع "إسرائيل"، في ظل توالي التحليلات والتصريحات عن تراجع المنطقة وخاصة الخليج في قائمة أولويات السياسة الأمريكية المتجهة نحو آسيا؟".

فرصة للتعديل

وأضافت متسائلة: "ألن تكون هذه فرصة لإجراء تعديل آخر بشأن القوات الدولية وبشأن ما يجري في شمال سيناء من تواجد عسكري مصري كثيف، ومن تنسيق عسكري أمني وسياسي متنامي بين مصر و"إسرائيل"، ومن تحالف استراتيجي غير مسبوق والعصر الذهبي للعلاقات؟".

وقالت: "أليس ومع هذا التغيير في المفهوم عن مصدر التهديد الأساسي، يمكن القول إن الأهمية الاستراتيجية الأمنية للجزيرتين في الدفاع عن أمن مصر وخاصة في مواجهة "إسرائيل"، باعتبارها كانت العدو الأول في العقيدة العسكرية المصرية، قد انتهت وفق رؤية "السيسي" وعلى ضوء سياساته".

محذرة من أن ذلك "مكنه من التخلي عن الجزيرتين ليحقق مآرب أخرى تجاه السعودية، وهي العون المالي والاقتصادي المُلح، واستمرار الإدانة السعودية للإخوان بالإرهاب وعدم الضغط من أجل مصالحة سياسية داخلية في مصر، كما كان يتردد منذ تولي الملك سلمان، وأخيرا التنسيق إقليميًا مع السعودية".

بداية للتقسيم "سيكس بيكو"

وطرحت الدكتور نادية مصطفى خامس أسئلتها والتي تتعلق؛ بأن "صفقة الجزيرتين أول تعديل رسمي في الحدود في المنطقة في نفس الوقت الذي تدور الخطابات الرسمية وغير الرسمية، الإقليمية منها والعالمية، عن احتمالات وآفاق أو مخاطر وعواقب إعادة تقسيم، كاملة أو كامنة، في المنطقة عبر الحدود أو نطاق الدولة الواحدة (سوريا، اليمن، ليبيا، العراق)، ألا يتصل الأمر بتركيا وإيران و"إسرائيل" أيضًا؟".

وأضافت أن ذلك التقسيم "يقدم الكثير من الدلالات حول دور مصر الإقليمي الآن، ألا يمكن أن يكون هذا الترسيم سابقة يُعتد بها بل يحتج بها في حالات أخرى تنتظر فرض الحل أو الاتفاق من أعلى؟ وما الشكل العام للمنطقة في هذه الحالة من حيث توازنات القوى الإقليمية المتداعية على الأمة العربية، وخاصة من حيث انفتاح دول عربية أساسية، مثل السعودية، على "إسرائيل"، وهو ما يسعى إليه نظام "السيسي" بلا شك.

– لقراءة المقال كاملا