تفاصيل التحركات المشبوهة لـ”مخابرات السيسي” للإيقاع بمعارضي الانقلاب

- ‎فيتقارير

فضيحة جديدة تُضاف لسجل فضائح نظام الانقلاب العسكري بمصر، إذ كشفت صحيفة “نيويورك تايمز”، فى تقرير كارثي، عن تتبع دولة المخابرات للمعارضين المصريين بشتى انتماءاتهم للإيقاع بهم، وهو ما حدث فى هجمة الاعتقالات الأخيرة إبان التظاهرات الأخيرة فى 20 سبتمبر الماضي.

ومنذ اغتصاب عبد الفتاح السيسي لعرش مصر، عبر انقلاب 3 يوليو 2013م على المسار الديمقراطي، والرئيس الشهيد محمد مرسي أول رئيس مدني منتخب في تاريخ مصر؛ أنشأ قسم “البحوث التقنية” في جهاز المخابرات، يتصف بـ3 خصائص: “أعماله سرية ومجهولة، ومرتبط بشكل مباشر برئيس الانقلاب، وتُسخر له موارد ضخمة ومعدات تكنولوجية متطورة ومكلفة حتى يقوم بالتجسس على المصريين“، وذلك بحسب ما نشرته المنظمة الدولية لحماية الخصوصية، في فبراير 2016.

وذكرت “نيويورك تايمز” أن شركة “تشيك بوينت سوفت وير تكنولوجيز”، وهي واحدة من كُبرى شركات الأمن الإلكتروني في العالم ولديها مقرات في سان فرنسيسكو وتل أبيب، قد كشفت عن أنه تم اعتقال ناشطيْن كانا هدفًا للهجمات في حملة الاعتقالات التي رافقت التظاهرات التي خرجت ضد النظام الشهر الماضي.

ويفيد التقرير بأن الشركة وجدت أن خادمًا إلكترونيًّا مركزيًّا استُخدم في الهجمات مرتبطٌ بوزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات المصرية، بالإضافة إلى أن الإحداثيات الجغرافية التي وجدت في التطبيق المستخدم لملاحقة الناشطين تتطابق مع مقرات المخابرات المصرية العامة.

كان الصحفيان “رونين بيرغمان وديكلان وولش” قد كشفا عن أن الهجمات الإلكترونية على الناشطين المصريين مصدرها هو الحكومة المصرية.

قراءة ملفات الضحايا

ويكشف الكاتبان عن أن المهاجمين قاموا بتركيب “سوفت وير” على أجهزة الأشخاص الذين تمت مهاجمتهم، لقراءة ملفات الضحايا، وتحديد أماكنهم، وتحديد من قاموا بالاتصال بهم ومتى وأين.

وتنقل الصحيفة عن المحللة في شركة “تشيك بوينت” أسيل كيال، قولها: “اكتشفنا أنَّ من بين الضحايا ناشطًا سياسيًّا من أصحاب الاحتياجات الخاصة، وصحفيًّا بارزًا، وأعضاء في منظمات غير ربحية في مصر”، مشيرة إلى أن الحكومة المصرية لم ترد على مطالب التعليق من الصحيفة.

ويقول الكاتبان: إنه يتم استخدام سوفت وير جذاب من أجل خداع المستخدمين، ففي تطبيق على “جي ميل” اسمه “سكيور ميل” يخبر الأهداف أن حساباتهم تم اختراقها، ومن ثم يتم إغراؤهم بالكشف عن الرمز السري لحساباتهم.

ويستدرك التقرير بأن التطبيق عادة ما ينسخ المكالمات على هاتف الشخص المهاجم، ويربطها بخادم إلكتروني للمهاجمين، مشيرا إلى أن الشركة وجدت أن هناك تركيزا على اتصالات المستخدمين مع أطراف خارج مصر.

ويوضح التقرير أن اللغة التي استخدمها المهاجمون هي اللغة العربية، ووقت الهجمات يشير إلى توقيت مصر، مشيرا إلى أن بحث “تشيك بوينت” حدد كلا من الأكاديمي الدكتور حسن نافعة، والسياسي والصحفي خالد داود، وكلاهما اعتُقل في حملات القمع الأخيرة. ويلفت الكاتبان إلى أنه تم تحديد ضحية ثالثة، وهو الدكتور شادي الغزالي حرب، وهو ناشط اعتقل في مايو 2018؛ بسبب انتقاده النظام على “تويتر”، مشيرين إلى أنه حاليًا في زنزانة انفرادية يواجه تهمًا بالإساءة للدولة.

التقرير الأصلي

https://www.nytimes.com/2019/10/03/world/middleeast/egypt-cyber-attack-phones.html

التجسس على المصريين

ونعود إلى فضائح دولة المخابرات، فقد كشف تحقيق للصحفي “أوليفييه تسكي”، نُشر في مجلة “تليراما” الفرنسية، في يونيو 2017، عن صفقة تمت بين حكومة الانقلاب وشركة “أميسيس” الفرنسية لاستيراد أجهزة تجسس ورقابة، تسهل من عملية التنصت على المواطنين.

وأشار “تشكي”، إلى أن بيع المنظومة الرقابية لمصر بدأ في مارس 2014، عقب تولي “عبد الفتاح السيسي”، ورجح أن يكون قد حصل على موافقة ضمنية من السلطات الفرنسية.

وأكد “الصحفي الفرنسي” أن الإمارات دفعت 10 ملايين يورو ثمن نظام المراقبة والتجسس، وقدمته هدية لقائد الانقلاب “عبدالفتاح السيسي” بعد انقلابه العسكري على الرئيس المنتخب “محمد مرسي”، في 2013.

وبعد مرور 3 أعوام على الصفقة، قدمت “الفيدرالية الدولية لحقوق الإنسان، والرابطة الفرنسية لحقوق الإنسان، ومركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان”، شكوى جنائية حول التورط المحتمل للشركة الفرنسية “أميسيس”، التي أعيدت تسميتها باسم “نيكسا تكنولوجي”، في أعمال قمع واسعة النطاق في ظل نظام حكم “عبد الفتاح السيسي” في مصر، وذلك من خلال صفقات بيع تكنولوجيا التجسس للحكومة المصرية.

وطالبت “الشكوى” المقدمة للوحدة المتخصصة في الجرائم ضد الإنسانية في مكتب المدعي العام الفرنسي، بفتح تحقيق جنائي عاجل في اتهام الشركة بالتواطؤ في التعذيب والاختفاء القسري في مصر، في ضوء المعلومات التي نشرتها صحيفة “تلي راما”.

هذه الشكوى ليست الأولى من نوعها ضد هذه الشركة، فقد سبق وقدمت الفيدرالية الدولية لحقوق الإنسان شكواها ضد الشركة نفسها في 19 أكتوبر 2011، بناء على ما كشفته صحيفة “وول ستريت” الأمريكية وموقع “ويكيليكس” حول صفقاتها المشبوهة في ليبيا.

وفي هذا السياق، قال “باتريك بودوان”، المحامي في الفيدرالية الدولية ورئيسها الشرفي: إنه “على الرغم من مباشرة السلطات القضائية في فرنسا التحقيق في جرائم هذه الشركة، قرر المديرون السابقون لشركة “أميسيس” الاستمرار في بيع تقنيات التجسس الخاصة بهم لمزيد من الأنظمة القمعية”.

وأضاف– في تصريحات صحفية- أنه “حان الوقت لتحرك فعال من نظام العدالة الفرنسي كي يوقف هذه الأنشطة الإجرامية، لكن التحقيقات الجنائية وحدها لن تجدي طالما لم تتوافر لدى السلطات الفرنسية رغبة سياسية حقيقية لوقف هذه الجرائم”.

أما رئيس الرابطة الفرنسية لحقوق الإنسان، “ميشيل توبيانا”، فقال: “بينما اكتفى الرئيس الفرنسي “إيمانويل ماكرون”، بحفاوة الترحيب بنظيره المصري “عبد الفتاح السيسي”، ما زلنا نشعر بالذهول إزاء موقف الحكومات الفرنسية المتعاقبة التي شجعت بيع الأسلحة إلى نظام يتجه مباشرة إلى الاستبداد”.

حذف جريدة الفجر

فى سياق متصل، حذفت شركة “فيسبوك” حساب صحيفة “الفجر”. ولفتت الشركة إلى أن شركتي “إنسايت آي دي” InsightID الإندونيسية و”الفجر” El Fagr المصرية متورطتان في آخر عمليتين.

و”الفجر” المصرية صحيفة أسسها رجل الأعمال نصيف قزمان، الذي يمتلك صحيفة وبوابة “الفجر” (الصحيفة الرقمية التابعة لها)، ويرأس مجلس إدارة صحيفة “الفجر”. وقُدّم عدد من البلاغات ضده بسبب توجه “الفجر” الناقد للأزهر الشريف، وكذلك في عهد الرئيس الشهيد محمد مرسي، لهجوم الصحيفة المستمر على جماعة الإخوان المسلمين.

استثمر قزمان في مجال الإعلام في عهد الرئيس المخلوع حسني مبارك، علاقات جيدة مع نظامه، بمساعدة الكاتب الصحفي عادل حمودة.

وبحسب معلومات من مصادر داخل مؤسسة “الفجر”، يقوم رئيس “هيئة الترفيه السعودية”، تركي آل الشيخ، بتمويل المؤسسة منذ فترة طويلة، ويبدو أنه اشترى حصة فيها. وأضافت المصادر أنه منذ دخول آل الشيخ إلى “الفجر”، تحولت الصحيفة وموقعها الإلكتروني إلى منصة للدفاع عن النظام السعودي، حتى إنها تنشر البيانات الرسمية السعودية بالتزامن مع نشرها في المواقع الرسمية السعودية مثل وكالة الأنباء الرسمية (واس)، حتى إن الفجر تنشر تلك البيانات بنفس صياغة (واس) التي تستخدم مصطلحات مثل “الملك المفدى” و”ولي العهد- يحفظه الله”.