أقبل رمضان والمعتقلون بلا طعام أو دواء أو زيارات.. هل اقترب الفرج؟

- ‎فيتقارير

يطل علينا رمضان الثامن بعد الانقلاب العسكري الذي نفذه حفنة من جنرالات العسكر وتسبب في إبعادها عن مكانتها التي كبّلتها اتفاقية كامب ديفيد في مارس 1979، وأخرجتها من معادلة الصراع بالمنطقة، حتى تحولت بمرور الوقت إلى تابع ذليل للكيان الصهيوني والولايات المتحدة الأمريكية.

يأتي رمضان هذا العام والمحنة تشتد والنفق المظلم لا تبدو له نهاية في ظل تفشي وباء كورونا، كوفيد 19، ومخاوف كثيرة تنتاب أكثر من 60 ألفا من المعتقلين وأسرهم من أن يمتد الفيروس في صمت إلى السجون ويصيب هؤلاء الضحايا بالعدوى، في ظل إهمال جسيم من جانب حكومة الانقلاب التي تتعمد بالأساس القضاء على أكبر عدد منهم بالإهمال الطبي والانتقام الممنهج.

يطل رمضان الثامن بعد الانقلاب وأشواق الحرية واقتراب الفرج لا تفارق الجميع، فإن كانت الأرض بطُغاتها وجلاديها قد استبد بهم الظلم وتمكنت منهم نشوة الانتقام والتنكيل؛ فإن الرجاء في الله لا ينقطع، والأمل في لطفه لا يتوقف مهما كانت العقبات ومهما كان الظلم والظلمات.

يأتي رمضان والزيارات ممنوعة منذ 9 مارس الماضي بدعوى الخوف من تفشي عدوى كورونا بين المعتقلين والسجناء،  بينما هناك معتقلون لم يقابلوا أقاربهم منذ سنوات طويلة؛ حرموا حتى من رؤية أطفالهم وزوجاتهم وآبائهم وأمهاتهم؛ فلماذا كل هذا الجبروت وما كل هذا الطغيان وما تلك الوحشية التي تفوق أحط الحيوانات خسة وانحطاطا؟

 

ظروف قاسية

جاءت جائحة كورونا فأجبرت حكومات عديدة على الإفراج عن المعتقلين والسجناء، مثل إيران (60 ألفا)، والمغرب (خمسة آلاف)، وأمريكا (الآلاف من سجون نيويورك وغيرها)؛ لكن نظام العسكر في مصر يصر على  تعريض عشرات بل مئات الآلاف في السجون والمعتقلات للإصابة بالعدوى ووفاة بعضهم من كبار السن والمصابين بالأمراض المزمنة.

يأتي رمضان على المعتقلين والسجناء عموما أسوأ من كل السنوات السابقة، فلا زيارات ولا طعام ولا ملابس ولا دواء، وبالطبع لا أدوات وقاية تحميهم من عدوى كورونا. ولا تسمح حكومة الانقلاب حتى بالتواصل عبر الخطابات والرسائل ولا حتى عبر الهواتف في زمن المحمول والإنترنت!، هو إذا حكم بالإعدام البطيء لا يرى فيه النائب العام الملاكي بأسا ولا جريمة تستحق التحذير والإنذار للنظام، رغم أن القانون ولائحة السجون يسمحان بتبادل الخطابات بين المسجونين وأهاليهم بدون حد أقصى، وإجراء المكالمات الهاتفية بواقع مكالمتين شهريا على نفقة السجين أو المحبوس مدتها ثلاث دقائق، حسب تأكيد المحامي الحقوقي خالد علي عبر صفحته بـ”فيسبوك”.

 

دعوات تبييض السجون

وعلى مدار الأشهر الماضية، تتواصل الدعوات لإطلاق سراح المعتقلين والحملات الحقوقية المحلية والدولية، ومنها نداء “مفوضية الأمم المتحدة لحقوق الإنسان”، في مارس الماضي، لإطلاق سراح المعتقلين؛ إلا أن النظام العسكري الحاكم تجاهلها جميعا.

وأقامت “مؤسسة حرية الفكر والتعبير” الحقوقية دعوى قضائية تختصم رئيس الوزراء بحكومة الانقلاب بصفته، وتطالب بالسماح لذوي السجناء بإدخال مستلزمات وأدوات الوقاية من فيروس كورونا. ووفق “الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان”، فإن عدد السجناء بمصر نحو 106 آلاف، بينهم 60 ألف معتقل.

المعتقلون والسجناء اليوم في حالة إخفاء قسري جماعي؛ لأن نظام العسكر يرى في كورونا فرصة ثمينة للخلاص من المعتقلين السياسيين بدون أحكام إعدام من القضاء المدجن تثير غضب العالم ومنظمات حقوق الإنسان الدولية وتضع النظام في حرج دائم.

 

أشواق دائمة وأمل لا ينقطع

كتبت الدكتورة منى المصري، زوجة الدكتور أحمد عبد العاطي مدير مكتب الرئيس الشهيد الدكتور محمد مرسي، على حسابها بموقع فيس بوك: “سألت نفسي هذا العام ورمضان على الأبواب: وما الجديد؟ ألسنا منذ سبع سنوات يا أحمد ننتظرك كل رمضان وندعو ونبتهل وننتظر أن يحقق الله رجاءنا، إلا أني وجدت رمضان هذا العام مختلفا.. سنظل نبتهل وننتظر.. من قال إن المشاعر تهدأ أو ينصرف القلق عليهم عن قلوبنا، بل بالعكس هي في ازدياد، ووالله لولا الله ما هانت السنون ولا مرت الأيام”.

وتابعت “هذا هو رمضان الثامن الذي لا نعلم فيه عنك شيئا، ولا خبرا، ولا أي نوع من أنواع التواصل؛ ويزداد القلق والخوف عليك أضعافا.. همي عليك أضعاف، في زمن كورونا أيها الصيدلي الهمام الذي تعلمت منه أن الصيدلة بالنسبة لك رسالة، وصناعة الدواء وإنتاجه طموح لسد العجز وتصنيع الناقص، فكنت من أصغر مديري الإنتاج وأسهمت بإنشاء واحد من أفضل مصانع الأدوية في وقته؛ وما أحوج مصر لهذا الآن.. ولذا فالهم الآن أضعاف وخيرة صيادلة مصر وأطبائها في غياهب السجون،

مضيفة: “إلا أن الدعاء لم يفتر، والألسنة لم تمل، واليقين لم يخب، وسنظل نبتهل وننتظر كما كنا وأكثر وهذا هو الجديد في رمضان الثامن”.

وكتبت السيدة عزة توفيق، زوجة المهندس خيرت الشاطر نائب المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين المعتقل حاليا هو وابنها الحسن وابنتها عائشة وأزواج بناتها: “اتركونا نعيش آخر أيامنا في الحياة سويا”.

 

هل اقترب الفرج؟

أمام هذا الجبروت وتلك الوحشية؛ هل أرسل الله كورونا بخير لا نعلمه جاءنا في صورة شر؟ “وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم وعسى أن تحبوا شيئا وهو شر لكم والله يعلم وأنتم لا تعلمون”.

وهل أرسل الله كورونا من أجل تخويف الظالمين وردعهم؟ “وما نرسل بالآيات إلا تخويفا”؛ ليعودوا عن غيهم وظلمهم وضلالهم، وإلا فإن العقاب سيمتد والوباء سينتشر، وهو ما تؤكد عليه منظمة الصحة العالمية.

متى يتوقف الطغاة والظالمون عن جبروتهم ووحشيتهم؟ متى يتوقف بشار عن مذابحه وجرائمه والسيسي عن ظلمه وجبروته وطغيانه؟ ومتى يتوقف المتكبرون في الأرض عن استكبارهم وفسادهم وبطشهم بالشعوب والمسلمين منهم على وجه الخصوص؟ متى يدرك البشر أنهم أبناء أب واحد وأم واحدة؟ متى يدركون أن الله جعلهم على الأرض خلفاء من أجل إعمارها لا إفسادها، من أجل حرية الناس لا تكبيلهم، من أجل التعاون والتكافل والتراحم لا من أجل التصارع والتقاتل وسفك الدماء؟ هل بات الأمل في العدل بعيد المنال؟ وهل بات الأمل في تحرير الناس حلما يطول أمده؟ وهل بات الليل ممتدا بلا نهار يعقبه وظلامه دامس بلا شمس تزيحه؟

هنا نتذكر قول الإمام  محمد بن إدريس الشافعي: «وَلَرُبَّ نازِلَةٍ يَضيقُ لَها الفَتى ذَرعا.. وَعِندَ اللَهِ مِنها المَخرَجُ… ضاقَت فَلَمّا اِستَحكَمَت حَلَقاتُها.. فُرِجَت وَكُنتُ أَظُنُّها لا تُفرَجُ». فهل اقترب الفرج؟