دراسة: “حكومة وطنية” و”التفاف شعبي” يؤهلان طالبان إلى لعب دور إقليمي

- ‎فيأخبار

قالت دراسة حديثة إن "المكاسب التي حققتها طالبان أخيرا في أفغانستان تؤهلها إلى لعب دور إقليمي يمكنها من الانتقال من مرحلة الحركة إلى مرحلة الدولة".
واستدركت الدراسة أن "ذلك يستوجب أمرين؛ الأول هو أنه "يحتاج من الحركة إلى تقديم نموذج لحكومة وطنية تمثل الشعب الأفغاني بكامل طوائفه وتزيل مخاوفه وتمحو الصورة الذهنية المرسومة في مُخيّلة العالم عن الجماعة بوصفها جماعة متطرفة ومعادية للمدنية والحضارة الحديثة.
أما الثاني فهو حاجة طالبان أن "تستكمل شرعيتها بالحصول على تأييد شعبي كبير وإجماع ضخم على أحقيّتها بالحكم، وهذا لن يتحقق إلا بالاستفادة من الظرف الإقليمي والدولي الراهن، والأخذ بجملة من المواءمات السياسية والتنازلات، والعمل على تكوين حاضنة شعبية تقبل أفكار الحركة وتؤيدها وتدافع عنها وتدعمها في أي استحقاق انتخابي".

أهم المكاسب
ورأت الدراسة، بعنوان "طالبان.. العودة إلى كابل" أعدها د. أحمد حسين، الأستاذ بجامعة القاهرة، لموقع مسار للدراسات الإنسانية، أن "حركة طالبان حققت في الفترة الأخيرة مكاسب عديدة، أهمها الصمود في وجه أمريكا وإفشال مسعاها للقضاء عليها، وهو انتصار كبير للحركة التي خرجت أقوى مما كانت واستطاعت إجبار دولة عظمى على الجلوس معها على مائدة المفاوضات".
أما المكسب الثاني بحسب الدراسة، فهو عودة طالبان إلى السيطرة على مقاليد الأمور في البلاد بعد عقدين من الحروب.موضحة أن ذلك سيؤهلها "للعب دور إقليمي حال تمكنها من الحكم وقدرتها على الانتقال من مرحلة الحركة إلى مرحلة الدولة بكل ما تحتوي عليه هذه المرحلة من تعقيدات داخلية وإقليمية ودولية".

أسباب ونتائج

وأضافت الدراسة أن "الحركة تميزت مواقفها الأخيرة بالشرعية فالاتفاق الذي دشنته مع أمريكا أو سلكته أخيرا لم يمنع الحركة من الاستمرار في عملياتها العسكرية واستغلال الفراغ الذي تركته القوات الأمريكية وحالة الارتباك التي أصابت الحكومة الأفغانية في الاستيلاء على المدن والولايات وإسقاط النظام القائم من خلال سلسلة من الأحداث المتتالية والمتسارعة".
واعتبرت أنه من نتيجة ذلك أن "يكون لدى الحركة خبرة سياسية وعسكرية لم تتوفر لها حينما استولت على العاصمة في المرة الأولى عام 1996م".

ترتيب للفوضى
وأشارت الدراسة إلى أن "الاتفاق بين طالبان والولايات المتحدة الذي كان بشروط على الجانبين لم يسفر عن شيء لأربعة أسباب".
وأوضح أن "انسحاب القوات الأمريكية الموجودة على الأراضي الأفغانية جاء في ظل توافق بين الولايات المتحدة وطالبان على خروج القوات الأمريكية في مقابل التزام طالبان بالنأي عن جماعات مثل داعش والقاعدة وعدم تهديد المصالح الأمريكية".

أما فيما يخص الداخل الأفغاني فقد تركت الولايات المتحدة القضايا الخاصة بأفغانستان لأطراف الصراع أنفسهم، بما في ذلك طبيعة النظام الأفغاني، ومصير الجيش والمؤسسات المنتخبة، والدستور وحقوق وحريات الشعب الأفغاني.
وعن الترتيب للفوضى أشار إلى أن "المفاوضات لم تكن لتسفر عن شيء لأسباب كثيرة، منها:

1 – وجود القوات الأمريكية على الأراضي الأفغانية، وهو ما كان يجعل الحكومة المنهارة تتمسك بمواقفها لاعتمادها على دعم الأمريكيين الذين كان يُفترَض ألا يتركوا حلفاءهم فريسة لطالبان.

2 – وجود خطوط حمراء عند كلا الطرفين، أهمها هوية الدولة وتمسك كل طرف بطبيعة مُعينة لهذه الهوية، حيث ترفض الحكومة الأفغانية النظام الإسلامي في حين تصر طالبان على قيام دولة إسلامية.

3 – اقتناع كلا الطرفين بأن الاحتكام إلى السلاح هو الحل الوحيد للسيطرة على البلاد، وهو ما يمكن تأكيده من خلال تصريحات رئيس الوزراء الباكستاني الذي كشف النقاب عن طلب الحكومة الأفغانية من بلاده التدخل العسكري ضد طالبان أثناء مفاوضاتها معها، وكانت طالبان أيضا مستمرة في عملياتها العسكرية رغم مشاركتها في تلك المفاوصات.

4 – اختلاف مصالح الأطراف الداخلية والقوى الإقليمية والدولية وتحوّل محادثات السلام مع طالبان إلى ساحة لهذا الاختلاف.

رسائل طالبان
ودخلت طالبان وقواتها العاصمة كابول بعد سقوط المدن الولايات المختلفة، في مساء الأحد 15 أغسطس وقالت الدراسة إن "خطاب طالبان وهي على أعتاب كابول حمل رسائل طمأنة لكثير من الجهات التي تخشى من عودة الحركة إلى الحكم، واحتوى في طياته على الكثير من آثار التجربة السياسية التي اكتسبتها الحركة في أعوامها السابقة، والتي يمكن أن تؤهلها لتجاوز أخطاء الماضي مع الاحتفاظ بشيء من التوازن في تمسكها بالأسس والمبادئ التي قامت عليها ومن أجلها، وفي مقدمتها إسلامية الدولة".
أما الرسالة الثانية فكانت هي "المحافظة على الأمن، وقالت الحركة على لسان المتحدث باسمها إنها أمرت مقاتليها بالدخول إلى العاصمة، لمنع عمليات النهب بعد مغادرة الشرطة المحلية مواقعها".
وكشفت طالبان في رسالة غير مباشرة أن "الجيش الأفغاني الذي أوجدته المساعي الأمريكية نيابة عن الولايات المتحدة في أفغانستان؛ أخذ في الانهيار قبل أن تنسحب القوات الأمريكية بشكل كامل، ولم يُحقق الهدف المنشود، وهو مواجهة حركة طالبان والقضاء عليها".

وأضافت أن "تفكك الجيش بدأ في الولايات النائية، حيث استسلمت قوات الحكومة ووحدات الشرطة وسلمت أسلحتها لقوات طالبان التي وعدتهم بمغادرة المنطقة بأمان إذا استسلموا وألقوا أسلحتهم. وبهذه الطريقة سيطرت طالبان تدريجيا على المزيد من المناطق والطرق الرئيسية".

 

https://almasarstudies.com/%d8%aa%d8%b4%d8%b1%d9%8a%d8%ad-%d8%a7%d9%84%d8%af%d9%88%d9%84%d8%a9-%d8%a7%d9%84%d8%b9%d9%85%d9%8a%d9%82%d8%a9-%d9%81%d9%8a-%d9%85%d8%b5%d8%b1/