انقطاع الكهرباء في الجمهورية الجديدة…إنجازات السيسي خرسانات لا تهتم بالبشر

- ‎فيتقارير

 

في كل دول العالم الساعية للنهوض بمجتمعاتها، تتركز برامج التنمية والتطوير على تحقيق كل ما يفيد المواطن ويرتقي بحياته أولا، من صحة وتعليم وتوظيف وتوفير احتياجاته الأساسية ابتداء، ومن ثم تصاغ الخطط والبرامج على مقاس البشر الذين يحيون في المكان، فكل البرامج والقرارات والسياسات لابد وأن تصب في مصلحة المواطن ، وإلا فإنها تعد فاشلة أو غير ذات جدوى.

 

أما في مصر السيسي، فكل المشاريع والبرامج والسياسات لا تصب إلا في مصلحة ما يراه الزعيم من أمجاد شخصية، يصورها إعلاميو البغال، على أنها إنجازات للشعب.

 

فترى السيسي يبني ناطحات سحاب وأبراجا  فارهة، في دولة يعاني أكثر من 60 مليونا من مواطنيها من الفقر، ولا يكادون يجدون قوت يومهم.

 

وفي الوقت الذي يشيد فيه السيسي النهر الأخضر حول عاصمته الإدارية بمليارات الجنيهات، مستهلكا ملايين الأمتار من المياه الشحيحة أساسا، تنقطع المياه عن ملايين المصريين الذين ما زالوا يشربون مياها ملوثة، ولا يجدون صرفا صحيا ينجيهم من الأمراض التي تحاصرهم.

 

كما أنه في الوقت  الذي تضاء فيه عاصمة السيسي التي ابتلعت أكثر من 55 مليار دولار بأكثر من 30 ألف وحدة إضاءة، بلا داعي من أجل أن يكون هناك مجرد حياة لمدينة لا تسكنها إلا الأشباح ليلا، في وقت تعاني فيه القرى والمدن المصرية من انقطاعات الكهرباء بصورة يومية، لم ينجُ منها سوى فترة الصيام فقط بشهر رمضان، بدعوى عدم وجود أموال لشراء غاز ووقود يستخدم في توليد الكهرباء، على الرغم من تدفق مليارات الدولارات من أموال بيع الأصول المصرية والمساعدات الدولية وبيع رأس الحكمة، وهو ما رد عليه إعلاميو السيسي بأن إنفاق الأموال على شراء الغاز لتوليد الكهرباء مجرد حرق للدولارات بلا فائدة، متناسيين أن الكهرباء وانقطاعها يؤثر بصورة أساسية على حركة الإنتاج والتصنيع والتصدير في البلاد، ناهيك عن تاثيرات الكهرباء على حركة المستشفيات والعمليات الجراحية وحياة المصريين.

 

الظلام للفقراء

 

وعقب ساعات من عيج الفطر، أعادت الشركة القابضة للكهرباء تطبيق نظام تخفيف الأحمال الكهربائية مجددا في 24 محافظة من أصل 27، بعد قرار الحكومة وقف قطع الكهرباء عن المنازل والمحال التجارية، بصورة مؤقتة، خلال شهر رمضان وعطلة عيد الفطر، وعانى المصريون من عودة انقطاع التيار الكهربائي لمدة تتراوح بين ساعة وساعتين، حسب جدول تخفيف الأحمال في كل منطقة، بداية من الساعة الحادية عشرة صباحا وحتى الخامسة مساء، مع ترجيح زيادة فترة الانقطاع تدريجيا على مدار اليوم مع ارتفاع درجات الحرارة في فصل الصيف، وصولا إلى أربع ساعات يوميا بحلول شهر يوليو المقبل.

 

واستثنى مجلس الوزراء المصري ثلاث محافظات من قرار قطع الكهرباء، وهي جنوب سيناء والبحر الأحمر ومرسى مطروح، كونها تضم العديد من المنتجعات السياحية، فضلا عن بعض المناطق السكنية الراقية في نطاق محافظتي الجيزة والقاهرة، على غرار الشيخ زايد والتجمع الخامس والرحاب ومدينتي، كما شمل الاستثناء من قطع الكهرباء جميع الأحياء التي توجد فيها منشآت عسكرية أو مشروعات سكنية مخصصة لعائلات ضباط الجيش والشرطة، بالإضافة إلى المناطق الصناعية والمنشآت الحيوية، مثل أقسام الشرطة والمستشفيات والبنوك والفنادق والمتاحف والسفارات والمولات التجارية.

  

معاناة إنسانية

 

ومع بدء تطبيق القطع المبرمج ، تتزايد معاناة ملايين المرضى وكبار السن وأصحاب الورش والمحال التجارية، الذين يعانون أساسا من الانكماش وتراجع النشاط الاقتصادي، وهو ما سيتفاقم ويتضاعف خلال المرحلة المقبلة.

 

ومن أسوأ المخاطر التي يواجهها المصريون، في تطبيق خطة القطع المبرمج للكهرباء، أنها تتزامن مع استعدادات التلاميذ والطلاب بمختلف المراحل التعليمية لامتحانات نهاية العام، فضلا عن التأثير السلبي لانقطاع الكهرباء على قطاعات هامة سواء إدارية أو تجارية أو صناعية.

 

كما أن فصل الصيف قد يشهد تسجيل درجات حرارة مرتفعة للغاية، ما يعني احتمال انقطاع التيار عن المواطنين لأكثر من ساعتين في اليوم بسبب زيادة الاستهلاك.

 

والغريب أن حكومة السيسي لا تضع حدا لنهاية الأزمة في المدى القريب أو البعيد، مكتفية بمعاقبة الشعب على  إنجازات السيسي الفنكوشية.

 

فقد سبق وأن تباهى السيسي بعدم انقطاع الكهرباء وتحقيق فائض في الإنتاج، وبحث مصر عن تصدير الكهرباء لدول الجوار، بعدما أنفق مليارات الدولارات على إنشاء محطات توليد كهرباء ، لكنه اكتشف أن تلك الكهرباء تحتاج لشبكات توزيع نقل غير موجودة بالأساس، ما أهدر مليارات الدولارات التي جاءت عبر قروض وفوائد تُدفع من جيوب الشعب.

 

وحاليا، تواجه مصر أزمة في إنتاج الغاز إثر تراجع الإنتاج في حقل ظهر، بسبب مشكلات متعلقة بتسرب المياه في الحقل، في وقت يرتفع فيه الطلب على استهلاك الكهرباء، ما أثر سلبا على حجم صادرات البلاد من الغاز الطبيعي إلى الأسواق العالمية، ودفعها إلى استيراد شحنات من الغاز المسال لاستغلالها في توليد الكهرباء للسوق المحلية.

 

ومنذ منتصف يوليو من عام 2023، تنقطع الكهرباء عن المواطنين بصفة منتظمة يوميا في مصر، بحجة تراجع إمدادات الغاز الطبيعي المستخدم في محطات توليد الكهرباء وارتفاع أسعار الوقود عالميا، علما أن الحكومة أقرت زيادة رسمية على أسعار الكهرباء المنزلية لجميع شرائح الاستهلاك بنسبة تزيد على 21%، اعتبارا من فاتورة يناير الماضي، تحت ذريعة تراجع قيمة الجنيه مقابل الدولار، وارتفاع أسعار الغاز والمازوت المستخدمين في محطات التوليد.